في مسعى لاحتواء ما تشهده الساحة المحلية من انفلات اعلامي غير مسبوق اثر بشكل مباشر على النسيج الاجتماعي للشعب الكويتي، اصدرت الحكومة في اطار مراسيم الضرورة المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 2012 بشأن حماية الوحدة الوطنية والذي يحظر في مادته الاولى «القيام او الدعوة او الحض بأي وسيلة على كراهية او ازدراء اي فئة من فئات المجتمع او اثارة الفتن الطائفية والقبلية او نشر الافكار الداعية الى تفوق عرق او جماعة او لون او اصل او مذهب ديني او جنس او نسب او التحريض على عمل من اعمال العنف لهذا الغرض او اذاعة او نشر او طبع او بث او اعادة بث او انتاج او تداول اي محتوى او مطبوع او مادة مرئية او مسموعة او بث او اعادة بث اشاعات كاذبة تتضمن ما من شأنه ان يؤدي الى ما تقدم».
ولا شك ان المراقب لما يحدث في المجتمع الكويتي في الآونة الاخيرة من حدة الاثارة الاعلامية التي لا تعرف سقفا لحرية التعبير، يشعر بالانفراج بصدور مثل هذا المرسوم على الرغم من بعض الملاحظات عليه وآلية تنفيذه والجهة المنوط بها تنفيذه، ويأتي مكملا لما هو موجود من قوانين وجزاءات في هذا الخصوص، في محاولة لضبط ما يحدث من التعرض للفئات في المجتمع الكويتي اعلاميا وأن صدوره لا يعني مطلقا نهاية المطاف بل يتطلب عملا واضحا من الجهات المعنية بالدولة ممثلة بوزارة الاعلام ووزارة المواصلات في تنفيذ هذا المرسوم بحكم مسؤولياتهما حيث ان وزارة الاعلام هي المعنية بالاشراف على وسائل الاعلام على اختلاف انواعها وكذلك وزارة المواصلات بحكم اشرافها على شبكة المعلومات والقيام بالتوعية اللازمة لهذا المرسوم لتوضيحه للعامة لشرح ما نص عليه من حظر وعقوبة وخاصة ان مما يؤخذ على المرسوم احتواؤه على مفردات عامة تحتاج الى توضيح وتعريف دقيقين حتى لا يساء استخدام المرسوم لغير الغرض الذي اصدر من اجله.
ولا يختلف احد على ان حماية الوحدة الوطنية هي الهاجس الذي يقلق المجتمع الكويتي وهي الهدف الاسمى الذي يعمل الجميع على تحقيقه لان اي خلل في الوحدة الوطنية نتائجها سلبية جدا على امن واستقرار المجتمع، ويأتي هذا المرسوم في وقت نحن احوج اليه نظرا لما نقرأ ونشاهد فيما يكتب ويبث في وسائل الاعلام وما ينشر من تغريدات وما يعرض من مقاطع لليوتيوب ابتعدت عن النقد المباح والتعرض لمكونات المجتمع وما اتسم به الخطاب الاعلامي بمختلف وسائل الاعلام من إثارة وتعداه الى التخوين لجماعة معينة تمثل احد المكونات الاساسية للمجتمع الكويتي لا يمكن اغفالها بأي حال من الاحوال وهذا ما لا نرضاه، ليس دفاعا عنها او تأييدا لها، ولكن التعرض لها دون ابداء الدليل امر غير مقبول لانه يهدم ولا يبني واسقاطات ذلك على الوحدة الوطنية والتي نحن في أمس الحاجة اليها والتي بسببها صدر القانون بمرسوم ضرورة.
وعلى الرغم من صدور هذا المرسوم والذي كنا نأمل ان يكون اكثر وضوحا وشفافية في تحديد المفردات لا ان تكون عباراته ومفرداته عامة حتى لا يفلت من العقاب من يسيء الى الوحدة الوطنية او ان يكون المرسوم وسيلة للحد من الحريات العامة في ابداء الرأي مما يفقد المرسوم اهميته والهدف الذي اصدر من اجله او ان يكون مآله كغيره من القوانين التي لا تطبق الا وفقا للظروف، والا فماذا يعني ما نلاحظه منذ دخول المرسوم حيز التنفيذ عدم تطبيقه تجاه ما تم التعرض له لاكثر من مكون اجتماعي في المجتمع الكويتي وبالتوازي مع هذا المرسوم يجب على وسائل الاعلام تقدير الوضع المحلي والقيام بمسؤوليتها في الرقابة الذاتية على ما ينشر بعيدا عن الاثارة والتخوين حماية للوحدة الوطنية.
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق