إبراهيم أديب العوضي / اجتهادات / ويستمر مسلسل التهديد بالاستجواب

بعد انقضاء أسبوع على أول استجواب تشهده الحكومة الجديدة متمثلا باستجواب النائب صالح عاشور لرئيس مجلس الوزراء، تتوالى تصاريح الوعيد وترهيب الوزراء بالتهديد لاستجوابات مقبلة ليصبح بذلك شغل الوسط السياسي الشاغل هو الحديث عن الاستجوابات واستحقاقاتها وأهدافها منشغلين بذلك عن هموم المواطن الكويتي البسيط وعن تطبيق خطة التنمية التي رصدت لها مليارات الدنانير والتي تستطيع وحدها نقل الكويت من حال إلى حال ومن توفير قاعدة تعليمية صلبة ومستشفيات متطورة ومساكن وغيرها من الاحتياجات الأساسية، تاركين بذلك غيرنا من الدولة المجاورة والتي لا نقل عنها في الإمكانات والقدرات والخبرات في التقدم والرقي لا ينقصنا عنهم سوى الرغبة الحقيقية في التطور، نادمين بذلك على حالنا الميؤوس منه.
فاليوم نشهد زخما واسعا من النواب تجاه هذه الاستجوابات، فمرورا بإعلان استجواب صيفي الصيفي لوزير الشؤون واستجواب مسلم البراك لوزير المالية والقلاف لوزير الإعلام بالإضافة إلى استجواب محمد هايف لوزير الأوقاف وأخيرا وليس آخرا تصريحات وليد الطبطبائي الأخيرة باستجوابه لوزير الداخلية على خلفية احتجاز المواطن الكويتي المتهم بحرق علم إيران، نجد أنفسنا امام واقع سياسي ورقابي صعب يعجز من خلاله المسؤول عن الإنجاز وتحقيق التطلعات المنشودة.
لا ننكر هنا أن الاستجواب هو وسيلة رقابية وممارسة نيابية حقة يملكها جميع نواب مجلس الأمة في أداء دورهم الحقيقي في رقابة السلطة التنفيذية تطبيقا للمادة 100 من دستور دولة الكويت والتي نصت على أن لكل عضو من أعضاء مجلس الأمة أن يوجه إلى رئيس مجلس الوزراء وإلى الوزراء استجوابا عن الأمور الداخلة في إختصاصاتهم ووفقا لما جاء في الفصل الثاني من الباب الثالث من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة الكويتي، إلا أننا نجد أن هناك تعسفا واضحا من قبل نواب المجلس الحالي في استخدام هذه الأداة مع ابتعادهم وبشكل ملموس عن التدرج في استخدام أدوات الرقابة والمساءلة السياسية المتعارف عليها حتى أضحى الاستجواب هو الوسيلة الوحيدة في ممارسة النائب لدوره الرقابي.
إن ما يحدث اليوم هو في واقع الأمر تجريد واضح لأهمية هذه الأداة من خلال تغليظ النواب وتغاليهم في استخدامها في غير موقعها ولا غايتها فتعسفوا باستغلالها، فانتقلت بذلك من وسيلة رقابية متقدمة في المحاسبة والمتابعة إلى أداة للتهديد والوعيد واشغال الشارع عن التنمية المنشودة. وإذا سملنا أن الاستجوابات المتلاحقة التي قد نشهدها في الأيام القلية المقبلة هدفها تحقيق المصلحة العامة بعيدا عن التكسب الشخصي من خلال الوصول إلى مآرب أخرى لا يعلمها إلا المستجوب، إلا أننا نجد أن تقنين استخدام هذه الأداة وتفعيلها في الوقت المناسب هو الأساس وأن المنطلق الأساسي منها يجب أن يكون مبنيا على أسس واقعية صلبة بدلا من معالجتها لقضايا هامشية هدفها بذلك النيل ممن له مع المستجوب خلافات شخصية وليس لها علاقة لا من قريب ولا بعيد بواقعنا السياسي وهدف الأداة المطلوب. إننا لا نقف أمام حق النائب المشروع، لكن كل ما نرجوه أن يتدرج النواب باستخدام أدوات الرقابة وإعطاء الحكومة الجديدة التي لم يمضِ على تشكيلها أكثر من شهرين الفرصة على العمل والإنجاز ومن ثم سنقف جميعا مع أي نائب في أي استجواب مستحق في حال ما ثبت تخاذل وتراخي الوزير في الإنجاز أو في تطبيق القانون على الجميع، فنحن لا نطلب أكثر من ذلك.
ختاما، أجد أن كتلة الغالبية التي يبني عليها الكثير من أبناء الشعب على المحك وأن استمرارها من عدمه مرتبط بشكل أو بآخر بكم الاستجوابات التي أعلن عنها أخيرا. فباستثناء استجواب وزير المالية الذي تبناه النائب مسلم البراك، فإن جميع الاستجوابات الأخرى شهدت انقساما واضحا ومعلنا بين أعضاء الكتلة وأي استجواب سيقدم من قبل أحد أعضائها سيكون العلامة الفاصلة في استمرار الكتلة من عدمه مع العلم بأنني على يقين تام بأن أي كتلة لا يربطها توجه فكري وايديولوجي واحد وأهداف معلنة وواضحة سيكتب لها الفشل آنيا أم آجلا.

Email: boadeeb@yahoo.com
Twitter: @ibrahimAalawadi
المصدر جريدة الراي

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.