لكل منا بصر وبصيرة، فكما نحتاج البصر لنميز الأشياء، نحتاج البصيرة لنميز ما يدور حولنا، قد زودنا الله بأدوات تعيننا على تحسين البصيرة، يملك الإنسان العقل ليفهم ويحلل، ويملك اللغة ليعبر عما فهمه، ثم تطبق جوارحه ذلك الخادم المطيع كل ما توصل له العقل من فهم.
هنا الكويت، بلد الحريات مقارنة بجاراتها، تعصف بها الحروب الكلامية الناتجة عن اختلاف المواقف والأفهام، مطلوب من كل كويتي الآن تشكيل موقف بناء على فهمه،وليفطن لتأثير العقل الجمعي المهيمن في الجماعة التي حوله على عقله، فالبعض يردد ما يقوله الآخر، ليس اقتناعا به، بل لأن الإنسان بطبعه يكره الجهل، وبعضهم يأبى على نفسه أن يعترف بجهله، فيسوق لرأي هو غير مقتنع به لمجرد أن يكون لرأيه وجود.
لنتخيل ما الذى سيحدث إذا اعترفنا بجهلنا؟ أجزم أن هذا سيساعدنا على أن نفهم أنه ليست هناك حدود فاصلة واضحة بين ما يحدث، فيعطينا هذا الفهم مرونة كبيرة حين نشكل رأيا مبدئيا معينا حول قضية محددة، فنقبل النقاش ونقلل من الجدل والتشنج بالمواقف للوصول لمساحة أكبر من الفهم، ولا يعتبر قصور الفهم عيبا نخفيه خلف إجابات جاهزة نلقيها إذا سئلنا عن رأينا في ما يدور، هناك دائما معلومات تخفى علينا، وتفاصيل دقيقة مؤثرة غير معلنة، وعلاقات وروابط بين أشياء لا نستطيع أن نكشفها بعيننا المجردة، كل هذا يعقد من التصور الكامل لأي قضية، فكما أن العلم نور، فإن للعلم بجهلنا نوراً أيضا.
ومن معوقات الفهم أيضا اللغة والقدرة على التعبير وصياغة الأفكار، فهي تشكل عائقا أمام فهم ما يريد أن يقوله الآخر، فإن كان هذا الآخر صاحب الرأي لا يجيد التعبير عما يريده، فليس بالضرورة أن ما يقوله هو بالضبط ما يعنيه، ولا ما نفهمه من كلامه هو بالضبط ما قاله، قد تظن أخي القارئ أن هذه فلسفة تزيد من تعقيد الأمر، أنا مثلك أعيش هذا التعقيد، ولكن حجم الأمر يحتاج منا هذا الجهد وذاك التأني وتلك المرونة، وإلا لن نستطيع أن نخرج من المآزق المتلاحقة التي تمر على البلاد، فوضعنا الحالي يتطلب منا أن نراجع كيفية فهمنا للأمور.
@AseelALzafir
المصدر جريدة الراي
قم بكتابة اول تعليق