في جلسة التداول الأخيرة في سوق الكويت للأوراق المالية يوم الخميس الأول من نوفمبر الجاري سجلت قيمة المؤشر السعري الرسمي للسوق تراجعاً حاداً بلغ نحو 111.5 نقطة، ليصل المؤشر إلى أدنى مستوى له منذ ثماني سنوات، وبالتحديد منذ شهر يوليو من عام 2004.
وقد أرجعت معظم التقارير الصحافية هذا الهبوط إلى تصاعد حدة الأزمة السياسية التي تعصف بالكويت في الوقت الراهن، وهذا أمر لا يثير جدلاً أو خلافاً كبيراً بين المراقبين، إذ من المعروف أن البورصات المالية عامة تشكل إلى حد كبير مرآة عاكسة للحالة السياسية والاقتصادية في البلاد. ولا جدال أن حالة المراوحة السياسية الحالية ستلقي بظلال أشد قتامة على سوق الأوراق المالية إذا ما طال أمدها.
ولكن من أجل أن يكون التحليل صائباً والقياس دقيقاً لابد من أن نقرأ التدهور الذي أصاب المؤشر السعري للسوق قراءة صحيحة، وأن نضعه ضمن سياقه الصحيح. فسوق الكويت للأوراق المالية ليس مزدهراً أصلاً منذ أن أصابته تداعيات الأزمة المالية العالمية أي منذ النصف الثاني من عام 2008. لقد فقد سوق الكويت للأوراق المالية في ذلك العام وحده 38 في المئة من قيمته السوقية، وفقد من تلك القيمة في عام 2009 نحو 10 في المئة، وفي عام 2010 نحو 1 في المئة، وفي عام 2011 نحو 16.5 في المئة، وفقد في العام الحالي وحتى الجلسة الأخيرة التي نحن بصددها الآن نحو 2.7 في المئة.
وإذا كان المؤشر السعري قد خسر في جلسة الخميس الماضي نحو 1.9 في المئة من قيمته، فإن نسبة التراجع التي سجلتها القيمة السوقية للشركات المدرجة في السوق في اليوم ذاته لم تتجاوز 5 من العشرة آلاف نقطة، ويعود ذلك إلى ضآلة قيمة التداول في تلك الجلسة، التي بلغت نحو 15.6 مليون دينار مقارنة بالقيمة السوقية للأسهم المدرجة في السوق، والتي بلغت في اليوم ذاته نحو 28.3 مليار دينار.
يضاف إلى ذلك أن المؤشر السعري ليس مقياساً جيداً لأداء السوق، لأنه مؤشر يفتقد إلى الأوزان، فهو يساوي بين الشركات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة الحجم، ويعد المؤشر الوزني أفضل منه عامة، لأنه يأخذ في الاعتبار أحجام الشركات، وقد فقد هذا المؤشر أي الوزني 4 نقاط من قيمته يوم الخميس، وهو ما يقل عن واحد في المئة من تلك القيمة، أما مؤشر «كويت 15» الذي استحدثته البورصة في عام 2011، والذي يشكل قياساً أكثر دقةً لأداء السوق فكانت خسارته نحو 5 نقاط فقط من قيمته البالغة 975 نقطة، أي ما يعادل نصف نقطة في المئة، ويشير هذا إلى أن عمليات البيع وتراجع الأسعار في تلك الجلسة كانت متركزة على أسهم الشركات الصغيرة دون الكبيرة أو الرئيسية، وهذا ما يؤكده متوسط سعر الأسهم المباعة، الذي بلغ نحو 89 فلساً للسهم.
أمر آخر قد يستحق المزيد من التحليل وهو أن أعلى معدلات التراجع في جلسة يوم الخميس كانت قد تركزت وفق المؤشر الوزني للسوق في قطاعات يفترض أن تكون الأقل تأثراً بحالة عدم الاستقرار السياسي، حيث سجلت أعلى معدلات التراجع في أسهم قطاعات السلع الاستهلاكية، والصناعة، وهذه قطاعات يفترض أن تكون من بين القطاعات الدفاعية في سوق تتركز أعلى معدلات المخاطرة فيه في قطاعات خدماته المالية والاستثمارية.
* أستاذ الاقتصاد – جامعة الكويت
المصدر جريدة الجريدة
قم بكتابة اول تعليق