مضى أسبوعان على صدور قانون الوحدة الوطنية، وهو قانون لم نكن نحتاج إليه لو أن الحكومة خلال سنوات مضت طبقت بجدية وعدالة قوانين أخرى، مثل قوانين المرئي والمسموع، وحاصرت قضايا الشتم والقذف التي شاعت في المجتمع. لكن الواضح، وبشكل لا يقبل الجدل، ان القوانين طبقت بشكل انتقائي في مواجهة الاعتداءات على الوحدة الوطنية، وسخرت تبعا للمواقف السياسية وليست المخالفات الجنائية الحقيقية.
في القانون الجديد أضيفت فقرة صغيرة فائقة الاهمية، تنص على ان «يعد من وسائل التعبير الشبكات المعلوماتية والمدونات التي تنشر عليها وغيرها من وسائل الاتصال الحديثة»، وهو نص يقصد منه متابعة مغردي تويتر على وجه الخصوص وكل مستخدمي الانترنت او وسائل الاتصال الاخرى، مثل الواتس اب والرسائل النصية. والسؤال الآن: من سيتابع هؤلاء؟ وكيف سيطبق القانون على آلاف المغردين؟ هل ستتولى وزارة الاعلام هذا الدور ام وزارة الداخلية ام المواصلات؟ هل ستضاف هذه المهمة إلى قطاعات أمنية، مثل امن الدولة والمباحث الجنائية، كما هو حاصل حاليا وفق ما نراه، ام سيكلف بها مفتشو ومراقبو وزارة الاعلام؟
القانون ايضا فيه جوانب فضفاضة وغير مفهومة، مثل نصه على تجريم «نشر الافكار الداعية إلى تفوق أي عرق أو جماعة أو لون أو أصل أو مذهب ديني..»، واذا فهمنا الأعراق والجماعات والمذاهب، فما هو المقصود باللون؟ ومنذ متى كان في الكويت أصلا ازدراء حقيقي للاشخاص اصحاب البشرة البيضاء مثلا؟ على اعتبار ان الشعب غالبيته من اصحاب البشرة السمراء والحنطاوية!
ومن الجدير ذكره ان المذكرة التفسيرية للدستور الكويتي تكلمت في المادة 29 الخاصة بالمساواة في الحقوق والواجبات العامة، عن التمييز حسب اللون، فورد بها «وقد آثرت هذه المادة ألا تضيف إلى ذلك عبارة ــ او اللون او الثروة ــ بالرغم من ورود مثل هذه العبارة في الاعلان العالمي لحقوق الانسان ــ وذلك لأن شبهة التفريق العنصري لا وجود لها في البلاد، فضلا عن كفاية نص المادة في دفع هذه الشبهة»، فهل من وضع من المتخصصين قانون الوحدة الوطنية الجديد لم يطلع جيدا على دستور الكويت أم انه نقل القانون حرفيا كما يشاع؟
نتمنى من الجهة المسؤولة ـــ المجهولة ـــ عن هذا القانون تطبيقه بعدالة وبلا تمييز، حتى لا يكون قانون الوحدة الوطنية سببا للفرقة المجتمعية.. وللحديث بقية والله الموفق.
وليد عبد الله الغانم
waleedalghanim.blogspot.com
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق