“وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ” (الانفال 25).
أعتقد أن الفتنة (Commotion) عندما يشعلها بعض قليلي الحكمة, فشرُّها سيعم الجميع, والله أعلم. فلم توجد في التاريخ الإنساني فتنة جزئية أو فتنة موقتة, فالفتنة لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ وستصيب الخاصة والعامة, فهي سعير متأجج وموت محقق وستأتي على الأخضر واليابس وستدمر الحلو والمر معاً وستضرب الحق بالباطل وستهلك الصالح والفاسد! وإذا كانت الفتنة شرا ما بعده شر, فالعقلاء والحكماء وأهل الآراء وأهل الحزم من أعضاء المجتمع سيعملون بكل ما يستطيعون من قوة من أجل إخماد شرر أي نوع من الفتن ما إن تطل هذه الأخيرة برؤوسها القبيحة في المجتمع. فالفتنة وفق بعض الروايات وحش قبيح المنظر ينفث نيران غضب متأجج وتخلف وراءها العويل والآلام والتي ليس بعدها آلام!
وما يجعل الفتنة تخلط الحابل بالنابل, وتضيع صواب من كان يُظَنُّ أنهم راشدون, وتقلب الحق باطلاً والباطل حقاً هو كونها تشعل في قلوب بعض الناس مرارة وحقداً مصطنعاً يصعب ابتلاعه وسيصعب التغاضي عنه لاحقاً. فالفتنة مثل فيروس السل يخمل سنوات وما إن يشتعل في الصدر حتى يتحول خلال اشهر قليلة لمرض فتاك لا ينفع معه علاج ولا تدارك متأخر. إضافة إلى ذلك, الفتنة تخاطب فقط غرائز الغضب والقتل والتدمير ويبدو أنها تخلق لنفسها جواً تتنفس فيه وبيئة حاضنة تدفعها ذاتياً للتبرعم إفكاً وعدواناً, فهي تنشر الحقد والكره المتبادل بين من كانوا ربما قبل أيام وقبل أسابيع إخواناً وأحبة وجيراناً وأبناء وطن واحد !
ولذلك, يتحمل عقلاء المجتمع ومتنوروه ونجباؤه مسؤولية تاريخية في مكافحة الفتنة التي تهدد مجتمعهم ووطنهم. ونركز هنا على الدور المحوري لحكماء وعقلاء المجتمع في “وأد الفتنة” قبل أن تقع لأن العقلاء والحكماء من المفترض أنهم يعرفون عواقبها الوخيمة على الفرد وعلى المجتمع. أقول يتحمل كل ذي لب وكل من يسكن وطنه في قلبه وفي ذهنه مسؤولية مكافحة الفتنة في مجتمعه. فمن يريد فعلاً حماية وطنه ومجتمعه من شرور الفتن والقلاقل عليه الاستمرار في نشر المحبة والقبول المتبادل والتعاضد بين أبناء وطنه. اللهم احم وطني الكويت وأهله من الفتن ما ظهر منها وما بطن. آمين يا رب العالمين.
* كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق