انتقاد الغالبية النيابية على تصرفاتها الهوجاء خطأ كبير, لذلك لا بد من تركها تغرق في ما تعيثه من فساد حتى يأتي اليوم الذي تشهد فيه ساحة الإرادة تظاهرات تطالب بخلعها, كما فعلت هي عندما كانت أقلية لكن مع فارق أن الناس سيكونون أصحاب حق, ما يجعلهم يبتعدون عن الفوضى التي مارستها تلك الجماعة من أجل تحقيق هدفها.
هم مارسوا التضليل بفجور, لم يسبق أن شهدته البلاد طوال تاريخها, في ما أطلقوه من اتهامات عن “تحويلات” أو “إيداعات مليونية”, التي تثبت الوقائع مرة بعد أخرى أنها ليست كما صوروها, لا في الحجم ولا في المضمون, واستفادوا من التضليل للاستحواذ على الغالبية البرلمانية, وسرعان ما اكتشف الناس أضاليلهم, لكن الغي أعمى بصيرة تلك الجماعة لأنها لم تبدل خطابها بعد تحقيقها ما سعت إليه, حتى وصل بها الأمر إلى الزحف على الديوان الأميري وديوان ولي العهد, وطالب بعض نوابها بإحالة موظفين من الديوانين إلى النيابة العامة وكأنهم نصبوا أنفسهم قضاة, وهم في الأصل الخصم وليس الحكم, متناسين أن حقهم في السؤال عن أمور معينة لا يخولهم سؤال الحكم عن تصرف ما, لا سيما إذا كان لأسباب تحفظ أمن البلاد وتحمي مصالحها, وغير عابئين بالصلاحيات الدستورية لكل مقام من المقامات وسلطة من السلطات, وأخشى ما نخشاه أن يأتي يوم يطلبون فيه إدخال الكبار متاهات اتهامات ملفقة لا يقبلها عاقل.
لا تنتقدوهم, بل دعوهم يعمهون في غيهم, ويرتعون ليكلوا من أفاعيلهم, ويتخطوا كل الخطوط الحمر, فلا يبقى لديهم ما يستر عوراتهم, عندها ربما يفقأ دمل حقيقتهم, وتنفرج الأزمة وترتاح البلاد من هذا التأزيم الذي افتعلوه عندما كانوا أقلية, ورموا الناس بالباطل ما جعل العديد يأنفون عن الخوض في العمل العام, وعلى رأسهم سمو الشيخ ناصر المحمد الذي حين رأى كل هذا الاحتقان المصطنع والمبني على أوهام تنحى جانبا.
هؤلاء المؤزمون, أكانوا اقلية أم أصبحوا غالبية, هذا ديدنهم, وهو ما يدركه الكبار لذلك تركوا لهم الحبل على الغارب حتى يضيق على أعناقهم, وينقلب سحرهم عليهم, فماذا سيفعلون بعد كل ما فعلوه? بعد كل الاتهامات والاتهامات المضادة, والتحقيقات, ودفع الأمور إلى المزيد من الاحتقان, والتعدي على الأمن والقضاء والسلطة التنفيذية والإعلام والطوائف! فكل هذا خبرناه منهم حين كانوا أقلية مؤزمة ونعايشه حاليا وهم أغلبية أكثر تأزيما, ولا شيء تغير بين الأمس واليوم.
مخطئة هذه الجماعة إذا تخيلت أن التأزيم والتلفيق يصنعان بطولة, لأن حبل الكذب قصير والناس لابد سيدركون الحقائق مهما حاول المضللون تضليلهم, وهم باتوا الآن يسألون: هل نحن نعيش مرحلة “اشتدي أزمة تنفرجي” أم أننا شارفنا على السقوط? وكأنهم يرفعون السؤال إلى من بيده الأمر بانتظار لحظة الفصل.
أحمد الجارالله
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق