العمل في إطار الدستور استحقاق على كل الأطراف الناشطة على الساحة السياسية، فهو المرجع والمنظم لكل الأنشطة سواء أكان الناشط تيارا سياسيا أم فردا، والخروج عن هذا الإطار خروج عن الشرعية الدستورية، ويتساوى في ذلك الحكومة أو أي كتلة برلمانية مهما بلغ عدد أعضائها.
الحكومة إذا تجاوزت الدستور، وقد فعلت ذلك أكثر من مرة، تصدى لها الشعب الكويتي بكافة مكوناته، والشواهد كثيرة خلال السنوات الماضية، وفي كل مرة كانت الحكومة تعود عن خروجها ذاك، ويعاد العمل في الدستور وينتخب مجلس جديد، وقد حدث هذا عام 76 وعام 86 عندما حل مجلس الأمة وعلقت بعض مواد الدستور.
المشكلة الآن عندما خرج بعض المواطنين عن الدستور تحت مسمى الأغلبية البرلمانية، وهي المرة الأولى التي يحدث فيها مثل هذا الأمر في تاريخ البلاد، وقد كان مثل هذا الخروج مشروعا عندما حيل بين ممثلي الأمة وممارسة حقهم الدستوري بتعطيل جلسات مجلس الأمة في وقت الحكومات السابقة.
استخدام المادة 71 من الدستور فيما بين أدوار الانعقاد أو بعد انتهاء فترة مجلس الأمة حق لسمو الأمير، وقد قيد هذا الحق في بعض الجوانب المالية، وأطلق في بقية الجوانب، ولو كان المشرع يريد أي استثناءات لوضعها كما وضع الجوانب المالية، مما يسمح لسموه بتقدير جانب الضرورة وإصدار المرسوم.
كما وازن المشرع بين سلطة الأمير وسلطة ممثلي الشعب عندما قرر عرض كل تلك المراسيم الصادرة وفقا للمادة 71 خلال خمسة عشر يوما من انعقاد مجلس الأمة الجديد، لتحظى بمراجعة كاملة من أولئك الممثلين، ولم يترك إصدار المرسوم مرحلة نهائية لتلك الآلية، ما يعني أن الطرفين نالا حقهما الدستوري.
نبرة التحدي التي بدأت بمواجهة رئيس الدولة، رغم أنه لم يتجاوز على الدستور، كانت في غير محلها، وهي خارجة بالتأكيد عن آلية العمل البرلماني الصحيح مهما سيق من مبررات، وأصوات المناشدة التي تلت نبرة التحدي تلك ليست في محلها أيضا، فالمفترض أن تطرق كل الأبواب الدستورية إذا كنا نحترم الدستور لأنه كما يقال «ياشين الرغا بعد الهدير».
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق