الشك سلوك يتعب صاحبه، والتشكيك موقف يسيء للآخرين، سواء أفراد أو مؤسسات أو مجتمعات أو أوطان، وكلما ازمن الشك في جهد بعثره وأضعف مراميه، وخسر الشكاك مصداقيته، وليس الجهد السياسي استثناء. فاذا كان من المقبول ممارسة التشكيك في الخصوم السياسيين على سبيل المناورة المؤقتة، فلا يجوز اتخاذ الشك منهجا أوحد. ذلك أن الأهداف النبيلة المأمول بلوغها في دروب السياسة لا تبنى على الأوهام والتخيلات والشكوك.
قبيل صدور حكم المحكمة الدستورية راح البعض يطلق نيران التشكيك على نزاهة القضاء، ويصف الحكم قبل صدوره بأنه حكم سياسي (!) وحالما صدر الحكم انقشعت غيوم الشكوك على الفور لتعود من جديد مع صدور مرسوم الضرورة بتعديل آلية التصويت، حيث دارت ماكينة الشك فوصفت التعديل (الدستوري) بأنه مؤامرة على الديموقراطية، وبلغت الوساوس مبلغها فانطلقت نحو المستقبل واصفة البرلمان القادم بأنه مجلس بصامين!
لم يبق الشك المتوحش ولم يذر، أضحى كما النار تمشي في الهشيم. فقد طال الجميع بمن فيهم المواطنون الأبرياء من أصحاب الرأي الآخر الذين وقعوا في مرمى التشكيك فأصبحوا أبواقا للسلطة وعبيدها وفداوية وفاسدين، وفي كل يوم تنحدر لغة الاختلاف إلى أسفل سافلين بسبب توحشن الشك في الصدور. والله المستعان.
www.salahsayer.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق