
نشرت الصحف قبل كم يوم خبر الوحدة الوطنية وهو القانون الذي عممه النائب العام ضرار العسعوسي على اعضاء النيابة العامة ليتم تطبيقه والعمل به في الايام المقبلة، وهو بالمناسبة خبر وقانون مهم من غير شك.
لكن الغريب لماذا خرج القانون الآن؟ وأين كان طوال الخمسين سنة الماضية ومنذ أن رأى الكويتيون نور دستورهم؟
لماذا لم تخرج هذه القوانين في الستينات والسبعينات أيام الشحن القومي؟ لماذا لم نستفد من عَقْد الثمانينات الحقبة الطائفية؟ لماذا انتظر القانون ثلاثة عقود مع أن الحرب العراقية الايرانية في الساحة الخلفية؟ ماذا عن فتنة الفالي، والمليفي، والحبيب، ألم تكن كلها كافية؟ ماذا عن الهجوم على القبائل؟ ألم يكن التلاعب الحكومي التقليدي في مكونات وقطاعات هذا الشعب مقصود حتى صار الناس يعيشون في كانتونات مجزأة وكل فريق بما لديهم فرحون؟ لماذ ولماذا؟!
ليس القصد الآن أن نقلل من أهمية هذا القانون، بل على العكس تماما فالقانون مهم ونتمنى أنه جاء لغايات شريفة. لكن توجد عندنا في الكويت ثلاث مشاكل لا واحدة مع هذه الشاكلة من القوانين.
الاولى أن القانون سواء هذا أو غيره لا يخرج عن اطار التنظير والشكل الرسمي لا أكثر. فالكويتيون تعودوا أن يروا القوانين على الجرائد ويسمعوها من نوابهم، لكن التطبيق والعقوبات فذلك عالم آخر ومن شؤون الاقوام الاخرى. فالعادة الكويتية الموازية لقراءتهم لهذه القوانين هو عدم اكتراثهم بها وضربها بعرض الجدار ولسان حالهم يقول «بـ… خير، وَرني». فشعبنا ولله الحمد لا هو يحترم لأجل القيمة الذاتية للقوانين كالألمان، ولا هو يطيعها خشية من عقوباتها كالشعب الهندي! فهل سمع أحدكم عن معاقبة من تحدث بالهاتف اثناء القيادة، أو لعدم ربطه الحزام، أو التدخين في الاماكن العامة؟
المشكلة الاخرى لا في أصل تطبيق العقوبة ولكن في الكيفية. فقد تكون المشكلة التي تعيشها الكويت حاليا مع المعارضة السياسية هو بسبب هذه الازدواجية في التطبيق. فمرة تجد الحكومة والجهات الرسمية متساهلة وتطبق القانون بأقصى درجات الرفاهية والنعومة، ومرات اخرى تشد حيلها وتمارس أقصى درجات القسوة، وقس على ذلك عدد أيام التحقيق ومدة السجن الموقت واسلوب التعامل ووضع السجن إلى آخره. كيف ستقنعنا الحكومة وتثبت لنا أنها عادلة ومنصفة وترى الناس بعين واحدة وعلى مسافة واحدة من الجميع بعد ماضيها المليء بازدواجية المعايير!
وأخيرا، ماذا لو كان الباحث يقصد الدخول في المنطقة المحرمة بحسب هذه القوانين لأغراض موضوعية بحتة ويريد أن يناقشها مع المجتمع ويفتح آفاقه في التفكير؟! كيف سيتصرف أصحاب النوايا السيئة حزتها؟ أتذكر هذه النقطة بسبب قانون الصحابة وآل البيت؟!
hasabba@hotmail.com
المصدر جريدة الراي
قم بكتابة اول تعليق