إن المواطنة الحقة تمثل المسؤولية وهي عبارة عن مجموعة من المبادئ والقيم والمفاهيم التي تؤدي الى تنمية الشعور والحس الوطني الذي يتمثل بالمحافظة على الدولة وسيادة القانون.
لقد أصبحت المواطنة مشكلة مجتمعية نتيجة الأحداث وافرازات العصر وتراجع مفهومها.فنجد كل فرد يفسرها كما يريد ويستخدمها كيفما ومتى شاء لتحقيق أهدافه وغايات جماعته.لقد تخالطت الأمور وانتشرت الفوضى بسبب ابتعادنا عن منظومة القيم وتلاعبنا بمفهوم المواطنة التي تكفل وحدة المجتمع، بل أصبحت العلاقة بين الأفراد مبنية على المصالح الخاصة..فلا احترام للتنوع والتعددية على الرغم من الوجود في مكان واحد.حتى أصبح من الصعب التعايش السلمي الحقيقي بين الشرائح المختلفة في المجتمع الواحد.ان المجتمع الديموقراطي لا يكون بمعزل عن المواطنة التي تعزز مقومات المجتمع المدني الذي يهدف الى تحقيق العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع على اختلاف انتماءاتهم وأطيافهم.فلا نجاح للديموقراطية في مجتمع لا يحترم التعبير عن الرأي وانتشار ظاهرة ثقافة التطرف والعنف والمظاهرات، فعندما تنتشر هذه الظواهر يعتبر فشل في سياسة الدولة والسياسيين في ادارة التنوع والتعددية.
ماذا حدث؟ ولماذا حدث؟ والى أين نحن ذاهبون؟ حتى قبولنا لبعضنا البعض موضع شك؟ نحن نعيش أزمة ثقة في النفس وفي الآخرين…لا احترام ولا تقدير حتى على مستوى أفراد الأسرة الواحدة.لقد اختلط مفهوم الحقوق والواجبات عند الأفراد تجاه الوطن…فلا حقوق تصان ولا واجبات تؤدى على الرغم من أهمية حقوق الوطن علينا…اننا نعيش في بلد الديموقراطية التي عاشها الشعب الكويتي وفق الدستور ولأكثر من خمسين عاماً.الا أنه مازلنا نعيش أزمة في تعريف معنى الديموقراطية بمفهومها الشمولي المبني على المساواة والعدالة والاحترام. فالمناخ غير ديموقراطي في بيئة غير صحية.
لقد تشوه مفهوم الديموقراطية بأهميتها وأهدافها وجمالها لحياة كريمة للأفراد واسعادهم لتنمية ورقي الوطن.
ان مفهوم الديموقراطية ليس اقصاء الآخرين وعدم احترام أفكارهم..بل هو الاستماع للفكر الآخر ومحاربة الاحتكار السياسي بغية احداث التغيير لأجل الوطن والمواطن.ان اعطاء صوتنا لمن يمثلنا في البرلمان ليس معناه تمثيلنا في جميع أمور حياتنا أو مصادرة حقنا بالمشاركة السياسية لأنه ليس الوصي الشرعي علينا..بل يتحمل واجباً مكلفاً به في حل مشكلات الشعب بالتعاون مع السلطة التنفيذية لاكساب الشعب الحياة الكريمة المستقرة المبنية على احترام وقبول الآخرين.
لقد تحمل من يمثلنا مهمة الاصلاح لأجل الصلاح والدفع بعجلة التنمية في بلد لا تنمية فيه مع الأسف على الرغم من خيراته ورقي عقول شبابه وحكمة البعض من قياداته.لقد قبل الأعضاء مسؤولية التشريع والمحاسبة لأجل الوطن والمواطن، فالتعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية أمر مهم وواجب وطني ويحتاج الى التعاون والاحترام والمبادرة والتناصح لتعديل الاعوجاج…ومن واجبنا كشعب محاسبة من يمثلنا في المجلس عن أدائه وانجازاته ويجب مشاركتنا في التعديل أو التعبير عن الرأي أو اتخاذ قرارات مصيريه في ظل نظام يكفل احترام الدستور وقوانين الدولة.ولأجل مصلحة الوطن والمواطن يجب ان نصلح الفكر السياسي بالمواطنة التي تقوم على مبدأ العدالة والمساواة واحترام التنوع والتعددية الفكرية…فلا أغلبية أو أقلية في مجلس أمة أتى جميع أعضائه بإرادة الشعب.فالديموقراطية سلوك وممارسات سياسية يجب ألا تخرج عن قيم المواطنة التي تؤدي الى الوحدة الوطنية.كما يجب على الحكومة ان تتعامل مع جميع نواب المجلس بمسطرة واحدة فلا تقرب أفرادا وجماعة على حساب أفراد وجماعة أخرى أو تتبني سياسة خاصة لأفراد أو جماعات بغية استمرارها ووجودها أو تخوفا من استجوابها أو مساءلتها لأن الجميع متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات، فلا تنازل عن الحقيقة لحساب فئة معينة فالتاريخ يُسجل «اليوم لك وغداً عليك» وخاصة نحن نتكلم عن الديموقراطية في بيت الديموقراطية «قاعة عبدالله السالم».
د.سلوى عبدالله الجسار
@DrSalwaAlJassar
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق