عندما تتوقف أجواء الوصاية التي تزداد اتساعا في كل أزمة سياسية تواجهها البلاد سنتمكن من حل كثير من القضايا العالقة، فعندما يكون هناك رأي بمقاطعة الانتخابات المقبلة تعبيرا عن موقف علينا أن نحترم ذلك الرأي ونضعه في موقعه الطبيعي ولا نحاول التشكيك في وطنية من يتبناه، فالديمقراطية تقوم على الرأي والرأي الآخر.
أيضا عندما يكون هناك رأي بالمشاركة في الانتخابات المقبلة ترشيحا وانتخابا علينا احترام ذلك الرأي ووضعه في موقعه الطبيعي ولا نحاول التقليل من قيمة ذلك الرأي لأننا نختلف مع من تبناه، فالديمقراطية تسع لكلا الرأيين، وليكن النزال والسجال تحت سقف الدستور لا خارجه لأن الخروج على الدستور هو خروج على العهد والقسم.
من الخطأ التطرف في تبني رأي المقاطعة واعتبارها المعيار الوطني لتقييم الآخرين وإلا فإننا سنواجه مشكلة عند كل مرحلة، وجميعنا نتذكر التيار الوطني عندما قاطع انتخابات مجلس 71 باستثناء عدد من الرموز السياسية في ذلك الوقت وشكك في دورهم، وما إن أتت انتخابات مجلس 75 حتى رأينا المقاطعين ينضمون إلى ركب الترشح رغم أنه لم يتبدل شيء. السياسي لا يدخل أمرا إلا عرف أين مخرجه، أو كما يقال في الحال السائد «خط رجعة «، وداهية العرب معاوية بن أبي سفيان كان يرفع شعارا طالما ردده السياسيون من بعده «بيني وبين الناس شعرة إذا شدوا أرخيتها وإذا أرخوا شددتها»، وليكن شعارنا جميعا ذلك التعبير الصادق عن الوضع السياسي المفترض لا أن نحرق مراكب العودة.
هناك من يرى أن قرار مرسوم الضرورة بتخفيض عدد الأصوات إلى صوت واحد لا يستحق معركة إلا إذا كانت المعركة غير تلك المعلنة، وهناك من يرى فيه تجاوزا على الدستور، وليكن التصدي لمثل هذا القرار وفقا للدستور من خلال أمرين إما أن يطعن فيه عند المحكمة الإدارية وتجري مراجعته هناك، وإما أن ينظر خلال خمسة عشر يوما من انعقاد مجلس الأمة الجديد للتصويت عليه إيجابا أو سلبا.
التجاوز على الدستور نحو الفوضى مرفوض سياسيا وشعبيا ولا يمكن القبول به، ومحاولة تكريس أعراف فيها سلب للدستور مرجعيته وريادته على الصيغ السياسية الأخرى لن تجد لها صدى في أوساط المواطنين، وربما يكون ما جرى خلال الفترة الماضية مؤشرا على أهمية أن ينحصر الصراع السياسي في إطار الدستور لا خارجه.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق