
أغلق باب الترشيح لانتخابات مجلس الأمة المقبل برقم قياسي من المرشحين لتنتهي مرحلة وتبدأ مرحلة جديدة من المسيرة السياسية في الكويت، فهذا العدد القياسي، رغم إعلان مقاطعة الانتخابات من قبل عدد كبير من السياسيين والنواب السابقين أو من يُسمون «معارضة»، يؤكد أن طريقا جديدا يرسم مساراته في الحياة السياسية. لذا تتطلب هذه المرحلة متابعة ومراقبة كل ما يطرح على الساحة، خصوصاً نوعية الخطاب للمقاطعين والمشاركين على السواء، فلكل جماعة خطابها الذي نتلمس منه ملامح وتوجهات المسار السياسي. وعليه، فإن المسؤولية ستكون على الطرفين كبيرة.
المشاركون، ترشيحا وانتخابا، عليهم مسؤوليتان، الاختيار والأداء، فالناخب لا يملك سوى معيار واحد (صوت واحد) للاختيار، إما معيار عاطفي كالقبلية والطائفية والعائلية والمناطقية والمصالح الشخصية الضيقة، وإما معيار عقلاني يعتمد على المفاضلة بين المرشحين على أساس الطروحات والبرامج والرؤى، أما المرشح، في حال فوزه ممثلا عن الأمة، فتقع المسؤولية عليه في أدائه البرلماني «العقلاني»، فهو أمام مهمة صعبة جدا وحساسة، تشريعيا ورقابيا، تتطلب وعيا سياسيا وفكرا جديدا بعيدا عن الغلو والتطرف، وإلا فإن الاتهامات التي ستوجه إليه «جاهزة»!
أما المقاطعون، فمسؤوليتهم أكبر من المشاركين، لأنهم بين ثلاثة خيارات، إما الانزواء والصمت ومراجعة ما فات، وإما مراقبة أداء مجلس الأمة والحكومة بأسلوب سياسي «راقٍ» ومنظم ويكون راصدا سياسيا. أما الخيار الثالث فهو إثارة الفوضى والقلاقل لهدف زعزعة الاستقرار والنظام وهو ما قد يؤدي إلى نتائج غير محمودة.
وتبقى المسؤولية الأكبر والأهم لمرحلة ما بعد الانتخابات والتي سيتحملها رئيس مجلس الوزراء ووزراؤه، باعتبار أن مجلس الوزراء هو المهيمن على مصالح الدولة، ويرسم السياسة العامة للحكومة ويتابع تنفيذها ويشرف على سير العمل في الإدارات الحكومية، (مادة 123 من الدستور)، مع التأكيد على المادة 50 من الدستور التي تنص على «فصل السلطات مع تعاونها وفقا لأحكام الدستور».
باختصار، أقل من ثلاثة أسابيع تفصلنا عن المرحلة الجديدة، وهي فرصة كافية لإعادة التفكير في كل ما حدث وإعادة النظر وترتيب الأوراق للمرحلة المقبلة. المسؤولية مشتركة، وكل قرار فردي يُتخذ هو جزء من المسؤولية الجماعية، ولا يظن أحد أنه غير مشارك (حتى الذي قرر المقاطعة) أو هو بعيد عن المسؤولية.
«رغبة في استكمال أسباب الحكم الديموقراطي لوطننا العزيز».. هذه أول كلمة قالها الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم الصباح في ديباجة الدستور وأحد الأسباب التي على أساسها صدق على الدستور وأصدره.. فهل من متدبر!
أسيل عبدالحميد أمين
aseel.amin@hotmail.com
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق