محمد العبدالجادر: المشهد السياسي الحالي

من الأشياء التي تلفت الانتباه للمشهد السياسي المحلي، واصبحت جزءا من السمات النفسية للمهتمين بالشأن السياسي والمتابعين له، هو الشغف بالتفاصيل والغرق فيها من دون الامعان والنظر للصورة الكلية، والحديث عن القضايا والشخصيات التي تضع الحدث بصورة اقرب الى المشاهد التصويرية والسينمائية، رغم ان الواقع السياسي متحرك ومطلوب فيه تحليل المحتوى.

اختزال الأحداث كاملة «بصورة» فوتوغرافية من دون النظر الى السياق العام احد المشاكل التي نعيش، ولكي تكون الصورة اكثر وضوحاً تبدأ الاسئلة الصعبة.. وخاصة في القراءة المستقبلية، وهي تعتمد على قراءة للأحداث وتحليل للمعلومات وتاريخ طويل من ردود الافعال الرسمية والشعبية.

الصورة الحالية هي انقسام مجتمعي حاد، وواقع سياسي يفرض نفسه بوجود عملية سياسية هي الانتخابات، وصراع بين من قرر المشاركة ومن قرر المقاطعة، واحداث سياسية متحركة، وهي التصعيد الذي مورس في الخطابات السياسية والمسيرات التي تلتها والمواجهة الرسمية التي تمت، وتجمعات ساحة الارادة، وكذلك هناك محاكمات معلنة ومعروفة مواعيدها مسبقاً، ولذلك فالحدث السياسي الحالي او المشهد لا يقارن بأي فترة زمنية، لا في السبعينات ولا الثمانينات او التسعينات، فالمتغيرات السياسية والاجتماعية اختلفت محليا واقليمياً، المشهد الحالي قد يستمر فترة ليست بالقصيرة، وهناك محاولات لتغيير صورة المشهد من خلال ادوات مثل التلويح بالذهاب الى المحكمة الدستورية او انجاح رسائل المقاطعة بتخفيض نسبة المشاركة.

هناك رسائل من جميع الاطراف لتخفيف الاحتقان، وهي مسؤولية الجميع وبالذات الحكومة التي يجب ان ترسل رسائل واضحة غير ملتبسة بالتمسك بالوسائل الدستورية، واحالة ملفات الفساد المالي والاداري ووضع جدول زمني لحل بعض المشاكل الخدمية على المدى القصير، وحل مشاكل اخرى على المدى البعيد، المطلوب عمل دؤوب لحلحلة الوضع، فلم نكن لنصل الى ما نحن فيه اليوم لو ان بعض المشاكل المترسبة عولجت في مهدها، وتم التخطيط لحلها وفق اطار زمني من دون تركها للزمن لحلها، المشهد الحالي يرسم خريطة للمستقبل فإما انفراج او مزيد من التأزيم وعدم وضوح الرؤية.

د. محمد عبدالله العبدالجادر
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.