وتبقى الكويت منقسمة بين ثقافة ترى ان إظهار الانتماء لغير الكويت خيانة ما بعدها خيانة، وثقافة ترى ان عدم إظهار الانتماء للخارج على حساب مصلحة الكويت هو.. خيانة ما بعدها خيانة!
*****
ثقافة ترى ان كل الحكومات التي تشكل في البلد وكوادرها الإدارية هم في النهاية حكومة دولة وشعب الكويت التي اذا نجحت أعمالها نجحنا وإذا أخفقت أو غرقت غرقنا معها، وثقافة ترى ان كل الحكومات في الكويت وكل الوزراء والوكلاء.. إلخ مهما تغيروا وتبدلوا هم أعداء حقيقيون ومحتلون يجب محاربتهم وعرقلة أعمالهم طوال الوقت عن طريق الأزمات والاستجوابات.. إلخ ولا يهم بعد ذلك ما يحدث.
*****
ثقافة ترى ان دعم الآداب والثقافة والرياضة والفنون والتعليم المتطور وسيلتنا للارتقاء ببلدنا بين الدول، وثقافة ترى وجوب محاربة كل ما سبق، وان الدروشة والتخلف عن مواكبة علوم العصر هو ما يمنحنا المكانة الراقية والمتقدمة بين الأمم.
*****
ثقافة ترى ان العالم قد تخلى عن مبدأ الحكومة الكبيرة الشيوعي وان القطاع الخاص هو البديل الوحيد الذي يجب تشجيعه ودعمه لتوظيف آلاف الشباب القادمين لسوق العمل، وثقافة ترى ان كل التجار مهما صغروا أو كبروا هم شريحة مجرمة! يجب ان تشتم ليلا وتعرقل أعمالها بالتشريعات الجائرة نهارا ولا مانع في نهاية المطاف من تطفيش المستثمرين المحليين والأجانب والتحول للماركسية التي تمتلك فيها الدولة كل شيء وقتل حلم كويت المركز المالي.
*****
ثقافة ترى ان الشهادات العلمية العليا يجب ان تكون انعكاسا حقيقيا لثقافة وابداع ومثابرة الحائز عليها بعد جهد جهيد، وثقافة ترى ان الشهادات العليا هي مكسب لذاتها، لذا يجب الحصول عليها بالشراء والتزوير والانتساب للجامعات «الطرثوثية» التي لم يسمع بها أحد.
*****
ثقافة تؤمن بالعمل التطوعي المجاني الذي يخدم الكويت، وثقافة ترى ان من الغباء الشديد ان تخدم وطنك دون مقابل، فلكل شيء ثمن بالحلال أو بالحرام!
*****
ثقافة ترضى وتقنع بالقليل من الوطن، وثقافة هي كالنار الموقدة كلما أكلت قالت: هل من مزيد!
*****
ثقافة محبة متسامحة معمرة ترى ان رأيها صواب يحتمل الخطأ ورأي الآخر خطأ يحتمل الصواب، وثقافة استبدادية ديكتاتورية مدمرة ترى ان رأيها صواب لا يحتمل الخطأ ورأي الآخر خطأ لا يحتمل الصواب أبدا.
*****
ثقافة تشجع الود والتصالح بين أبناء الوطن الواحد، تقابلها ثقافة لا تتوقف عن تشجيع ودعم خلق الفتن ونشر البغضاء والحقد والكراهية كل يوم بين المواطنين.
*****
ثقافة هي أقرب لحال الأم الحقيقية في قصة المرأتين مع سليمان الحكيم، وثقافة هي أقرب لحال الأم الزائفة في تلك القصة المعروفة، فلا مانع لديها عند الاختلاف من تصعيد الأمور حتى لو وصلت الى حدود الحرب الأهلية مع الآخر.. الذي هو مواطن كحالها!
*****
ثقافة تحيط بالمؤمنين بها المرايا فلا ترى إلا نفسها ومصالحها الذاتية والكراسي التي تلتصق بها وتضحي بالكويت وشعبها لأجلها، وثقافة كسرت المرايا فلا ترى إلا مصلحة الكويت وشعبها الذي تضحي لأجله بدمها ومالها.. هذه الأيام وضمن هذه الفقرة الأولون مقدمون والآخرون.. مؤخرون.
*****
آخر محطة: فضحنا الثقافتين وأوضحنا الخط الفاصل بينهما ولنا ان نختار بعد ذلك إلى أي من الثقافتين سننتمي، حضرا وقبائل، سنة وشيعة، «بدون» ومقيمين، فإما ان ننحاز لثقافة تعمير الكويت وبقائها وطنا دائما مزدهرا للجميع، أو الى ثقافة الأنانية والدمار والرحيل.. ولن تسلم الجرة كل مرة!
samialnesf1@hotmail.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق