
الاعلام الطازة لجماعة المقاطعة شاطين عمرهم في البحث عما يعتقدون انه تناقضات أو مواقف كتبتها أو مارستها في السابق، تتفق اما مع ما يطرحون أو تتعارض مع مواقفي وآرائي هذه الايام. سيكون بحثا سهلا، ليس لاني تغيرت ولن اقول «تطورت» حتى لا يتورمون، وليس لاني ازددت خبرة ومعرفة، بحكم الممارسة وبحكم الزمن. بل لسبب اساسي، لا اعلم لماذا يغيب عن خاطر المناوئين، وهو ان الناس ربما يكونون هم الذين تغيروا أو اختلفت مواقفهم وليس بالضرورة انني تراجعت أو بدلت مبادئي.
مع هذا فأنا مثل بقية خلق الله، عرضة للتبدل والتغير، ومن يقف جامدا دون استيعاب لما يتبدل ويتغير حوله، فهو من يجب ان يُنتقد ويلام. قديما قيل «انت لا تعبر النهر مرتين»، لماذا..؟ «لان حولك مياها تتجدد»، فكيف يمكن لي ان اتخذ موقفا واحدا جامدا من سياسيين واحداث يتقلبون ويتجددون؟!
ان الذي يجب ان يحاكم هو المتلون، الذي يكيف مواقفه ومبادئه وفقا للظروف وانسجاما والمصلحة. وهذا ــ بالمناسبة ــ هو ديدن ومذهب جماعة الاعلام الطازة والعباقرة الذين يمثلونهم. يطالبون بقمع الاعلام، الفاسد طبعا وليس اعلامهم، وعندما تهوي المطرقة عليهم يولولون ويحتجون. يطالبون بالحرية والكرامة ويصادرون حق غيرهم في التعبير وفي اتخاذ ما يقرر مصيره. زعاماتهم يدعون الحفاظ على الدستور وهم من يعيث فسادا به وينتهك معظم مواده. ولن نضيع وقت القارئ اكثر من ذلك.
ان مواقف الاشخاص وحتى التيارات السياسية تتغير وتتبدل، ونحن كذلك. وانا انسان أحاول جاهدا ان اكون «حقاني» فامدح من يصيب ــ من وجهة نظري طبعا ــ واذم أو انتقد أو أصحح لمن لم يوفق. قد اصيب هنا انا وقد اخطئ. لكن لن أفوت فرصة لمدح شخص اجاد واعطى في سبيل المصلحة العامة لا لشيء الا لاني انتقدته أو حتى هاجمته قبل ذلك. والعكس صحيح، فأنا اكتب ما أؤمن به وما سوف أحاسب سياسيا عليه، لهذا فأنا ايضا انتقد من مدحت أو من هو قريب سياسيا وحتى شخصيا مني ان بدا لي انه انحرف أو حتى اخطأ. فهل عند الاعلام الطازة وجماعته بعض من هذا الالتزام؟.. أشك كثيرا في ذلك.
عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق