المجتمع الكويتي منقسم بشكل يكاد يكون حادا بين قسمين: من ينوون المشاركة في الانتخابات الحالية ومن يعملون ضدها وينوون مقاطعتها. بين هؤلاء هناك بين بين، او في واقع الامر من يعتقدون انهم بين بين. لا مع المشاركين وليسوا من المقاطعين، ولكنهم لن يشاركوا في الانتخاب. من هؤلاء من يعتقد عن ثقة وصدق ان جهوده وموقفه ستبقى حيادية، وانها لن تصب او تجير، لا لمصلحة السلطة ولا لمصلحة مجاميع التخلف المعارضة لها. لهؤلاء الحالمين لدينا اخبار سيئة. فهم شاؤوا او ابوا، يقفون في صف واحد مع مجاميع التخلف وينفذون اجندتهم. وانه ليس هناك فرق على الاطلاق بين صوت احمد الخطيب او فلاح الصواغ، عبدالله النيباري او عبد الله الطريجي، ومسلم البراك، فكلها يوم الانتخاب ستصب بلا استثناء في مصلحة مجاميع التخلف.
الصراع او الخلاف هنا ليس انت ضد الحكومة او مع من يعارضها، ولكن الصراع هو حول الانتخابات، هل انت مشارك ام انت مقاطع؟ هكذا ببساطة ووضوح. ان الموقف المبدئي من السلطة او من معارضيها ليس له مكان هنا، لذا فان التصنيف والوضع السليم هما: هل انت مشارك ام مقاطع؟ وليس هناك مجال لموقف وسط او بين بين، كما يتوهم بعض «المقاطعين».
ان وطننا مر ولا يزال مع الاسف يمر بمرحلة يتسيّد فيها الفكر والممارسة الرجعية. وتقع معظم مؤسسات وبنى الوطن اسر التقاليد العقيمة ورهن العقليات البالية التي تهيمن على كل شيء، من التربية والتنشئة الاجبارية المخالفة للدستور وللمبادئ الانسانية، الى التوظيف والتأهيل الذي يتعارض مع مبادئ العدالة والمساواة الديموقراطية، ناهيك عن التنمية برمتها وفرص التطور والنمو. وقد لاحت بارقة امل وفرصة لتعزيز الصوت التقدمي ودعم التطلعات الاصلاحية عبر المرسوم الاميري بقانون تعديل آلية التصويت. هذا المرسوم الذي يكبح التجمعات العنصرية ويحد من نفوذ القوى الرجعية، ويتيح للمواطن «الفرد»، الذي هو قوام واساس مجتمعات ودول هذا العصر، ان يحدد بشكل اقوى واكثر فعالية مستقبله ويقرر مصيره.
لكن المؤسف ان الكثير منا فضلوا الانتصار لمصالحهم والتمسك بعصبيتهم على مصلحة الوطن وقدر المجموع. والبعض الاقل مما يسمى بالقوى الوطنية اصبح هذه المرة مع الاسف «وين رايحين وياهم»، مفوتا الفرصة التاريخية التي كانت ولا تزال تحلم بها قوى الانفتاح، لبدء خطوات التقدم والتغيير الذي طال انتظاره. ان الكويت منقسمة بين معسكرين: معسكر التخلف ومعسكر التطور، تقاطع انت في معسكر التخلف.. تصوت انت مع قوى التقدم ودعاة التطوير وليس هناك معسكر ثالث.
عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق