النقد الذاتي والمراجعة الدائمة سمة من سمات المؤسسات الناجحة إن على صعيد الجهات الحكومية أو على صعيد الجهات الشعبية، وما تضمنه لقاء سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك مع رؤساء الصحف المحلية يندرج- كما يبدو لي- في هذا السياق فهناك اعتراف بوجود نقاط ضعف ينبغي تداركها وهناك أيضا تفاؤل في المرحلة المقبلة.
الرهان في المرحلة المقبلة على الحكومة الجديدة التي سيجري تشكيلها بعد إعلان نتائج الانتخابات، هذا ما تؤشر إليه الأوساط الشعبية رغم كل الأجواء الحالية، وأي إخفاق لتلك الحكومة يعني إعلان هزيمة مبكرة ليس فقط لتلك الحكومة بل لكل القوى التي أيدت مرسوم الصوت الواحد كخطوة أولى من أجل انتشال البلاد من كبوتها الحالية.
مرسوم الصوت الواحد ليس هدفا بحد ذاته بل هو مدخل لعملية طويلة وربما مرهقة، هدفها إعادة تنظيم الدولة من جديد وإعادة النظر في كل بناها بشكل شامل، أي هو في حقيقته ثورة على أوضاع فرضها الأمر الواقع طوال السنوات الماضية وهي تبعات لتطورات أكبر من الحكومة وأكبر من قدرتها وقدرتنا كمواطنين على المواجهة.
الآن وكما قال سمو الأمير إن مرسوم الصوت الواحد هو محاولة لاستعادة دولة القانون، وهو البذرة الأولى للتغيير، وإذا تمكنت الحكومة المقبلة من توفير العوامل الموضوعية لحماية تلك البذرة فإنها ستثمر، وإذا أخفقت في توفير تلك العوامل الموضوعية فإنها ستذبل وتموت وسينتهي معها الحلم بالتغيير إلى واقع أفضل، وسيكون البديل فوضى عارمة أكبر بكثير مما نعيشه الآن.
الحكومة المقبلة هي فرصة أخيرة، وربما لن تتكرر مثل تلك الفرصة مرة أخرى، وخاصة أن هناك الكثير من الخيوط التي يمكن التعلق بها من أجل الوصول إلى بر الأمان، فهناك الكثير من المشاريع والمقترحات المدرجة على جدول أعمال مجلسي الأمة الماضيين ولا يحتاج الأمر سوى نفض الغبار عنها وإقرارها، وربما بعضها يحظى بإجماع وطني وإقرارها سيؤدي بكل تأكيد إلى تخفيف الأجواء المحتقنة.
مشروع الإصلاح السياسي والاقتصادي ينبغي إلا يغيب عن طاولة الحكومة، فمن خلاله يمكن قطع الطريق على أجواء الفوضى السائدة حاليا، وكما تمكنت الحكومة من تنظيم الساحة الإعلامية من خلال قانوني المرئي والمسموع والمطبوعات والنشر، فالأجدى أن تقوم بتنظيم الساحة السياسية والاقتصادية من خلال إقرار قانون الإصلاح السياسي والاقتصادي، فلا ديمقراطية دون تنظيم سياسي وقطاع خاص واسع.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق