للمرة الأولى يحصل أن ينقسم المجتمع الكويتي لقسمين، وأن تنصرف نقاشات الناخبين خلال حملات المرشحين لتدور حول المشاركة والمقاطعة لا عمن هو الافضل والأنسب!
بظني أنه يمكن تقسيم المجتمع لأكثر من ذلك، يمكن تقسيمه إلى أربعة لا اثنين، وذلك بحسب التبرير والمنطق الذي يسيقه كل فريق من هذه الفرق الاربع. فليس مهما إن كنت ستقاطع أو ستشارك، بل الأهم ما السبب من وراء هذا القرار؟
الفريق الأول سيشارك لأنه يعتقد بأن الدولة باتت تقف على كف عفريت، وأن الالتفاف حول الدستور وتطبيق القوانين هو المنجى، وبالتالي هذا الفريق يرى أن تشخيص صاحب السمو حفظه الله صحيحة وأن الدولة وصلت لمنعطف خطير ومن الضروري أن يتدخل بمرسوم «الضرورة» لتعديل هيكلية التصويت وان يفصل في المشاكل التي امتدت لثلاث سنوات طويلة وأن يقطع نزاع القوم بسلطاته الدستورية. فالتدخل بحسب وجهة نظر هذا الفريق لم يعد يتحمل التأخير وضروري لانتشال البلد من فتنة التناحر الداخلي وقطع فتيل الأزمات المزمنة.
الفريق الثاني سيقاطع لأنه يظن أن مراسيم الضرورة يجب أن تُقتصر لغايات لا تحتمل التأخير في ظل غياب مجلس الامة، لا لأجل العبث في حق الشعب وسلبه إرادته والتلاعب بمخرجات من سيمثله أمام السلطة التنفيذية وأحقيته بالمشاركة في سن التشريعات. فهذا بحسب رأي هذا الفريق لا يمكن القبول به بأي حال، بل هو طعنة في قلب النظام الديموقراطي. هذا الفريق يسند قوله ويستشهد بأمرين حصلا للتو، يستشهدون بالتلاعب والانقلاب الحكومي بخصوص الاتفاقية الامنية الخليجية وبمرسوم الهيئة العامة لمكافحة الفساد واللتين عليهما الكثير من المآخذ!
بصراحة كلا الفريقين يحملان مبررات وجيهة ومنطقية وعقلانية. فهذان الفريقان لا أرى عندهما مشكلة، المشكلة هي في النوعين الأخيرين: الفريق الثالث يقول إنه سيشارك تشمتا وإمعانا في إبعاد المعارضة عن الساحة السياسية. هذا الفريق غير مكترث تماماً سواء عن قصد أو بسوء نية، لا يكترث بأبعاد قراره لأن ما يشغل باله اليوم أن يُبعد شبح الإسلاميين مهما كانت التكلفة وبغض النظر عما إن كانت الحكومة تريد أن تستدرجه إلى معسكر «الموالاة» أو ما يُعرف تقليديا بفريق «البصامين»، ولا يهمه كثيراً ما إن كانت الحكومة ستستقوي به اليوم كما كانت تستقوي بالمعارضة قبل ذلك!
وفريق رابع وهو من سيقاطع فقط لأن من يقف هنا هم: الطبطبائي والحربش والمسلم، وبغض النظر عما إن كانوا، صح أم خطأ، وهل يحملون ازدواجية الدستور وثنائيات الحق وعنصرية التعامل مع المجتمع واحتكار الرأي، فهذا كله غير مهم، المهم أنه رمى كل بيضة في سلة هذه المعارضة ويردد مثلما يقولون ويتمتمون لأجل القبيلة أو المذهب أو الفكر العنصري بشكل عام! فالمشكلة الحقيقية مع هذين الأخيرين.
لذا ليس مهما قرارك بالمشاركة أو بالمقاطعة، الأهم منه جوابك عن السؤال: لماذا ستشارك أو لماذا ستقاطع؟
hasabba@hotmail.com
المصدر جريدة الراي
قم بكتابة اول تعليق