عبداللطيف الدعيج: عليكم بحسن الخاتمة

بعض الحمقى من مؤيدي جماعة المقاطعة من مدعي دعم الحريات، «شبوا على» تلفونات وعلى «تويتر» يتشمتون لإقدام حكومتنا «الغبية» في عشية الانتخابات بمنع إحدى الكاتبات من دخول الكويت. لست بحاجة الى إعلان موقفي، لا من الحكومة ولا من قرارها التعسفي، فأنا.. القضية الأولى لديّ هي حرية الرأي والتعبير، ومقياسي الأساسي هو موقف الأطراف السياسية والاجتماعية منها. الحكومة أو السلطة لديها بعض الحساسية تجاه الحريات السياسية، أو حدود تقف عندها حفاظا على ما تبقى لها من «سيطرة عشائرية وفردية»، هذه حقيقة نقر بها ونتعامل معها ديموقراطيا، وفقا لمعطيات الواقع وقدرات وإمكانات ظروفنا الموضوعية، دون قفز أو تخط طفولي أو حرق أخرق لمراحل سياسية واجتماعية ضرورية، كما فعل المغامرون من جماعة المقاطعة بخلعهم للسقف. لكن حكومتنا أو سلطتنا التي لديها بعض الحساسية السياسية منفتحة اجتماعيا، أو على الأقل «تفتح نل وتصك نل» -النل يعني الصنبور- جماعتكم أيها الأذكياء، وأكرر أذكياء، بالإضافة إلى حساسيتهم السياسية التي تتعدى الحكومة، جماعتكم لديهم انغلاق اجتماعي كامل ومتكامل «وما يندون» -يعني لا ينقطون، فالصنبور محكم الإغلاق- فبدلا من إضاعة وقتي ووقتكم، لماذا لا تناقشون المتسبب الأساسي في قرار المنع، وهو عقائد وروايات وتفاسير وأحاديث وقصص ومذاهب وفقه وفتاوى الجماعة التي تقودكم!.. طبعا هذه صعب عليكم فهمها بحكم الحماقة التي تعشش عليكم منذ أسابيع. لذلك السؤال بالطريقة التي تفهمونها:؟ لماذا لا تسألون النواب محمد هايف، وليد الطبطبائي، أسامة المناور، بل مسلم البراك وأحمد السعدون عن رأيهم في قرار المنع بدلا من إضاعة وقتكم مع شخص مثلي معروف موقفه، ولا يملك مثلكم من الأمر شيئا.. أيها الأذكياء.. لماذا؟.

«واحد زائد واحد يساوي اثنين»، سمعتْك النتيجة رابعة العدوية أم «اسباسيا» الأثينية، أول عاهرة في التاريخ، فإن النتيجة ستبقى هي النتيجة.. وهي الحقيقة أيضا، اثنان.. لا زائد ولا ناقص وبلغة الأرقام، أسهل لجماعة المقاطعة، 2. مثلها تماما مثل الانتخابات.. شرعية، ومرسوم الضرورة دستوري، وعليكم كما قلنا يا مقاطعين على اختلاف أسبابكم ومشاربكم، عليكم تسفيط الفنايل فقد كثر الله خيركم. لعبتوا.. فلعبتوا، واليوم حان وقت الجد والعمل والبناء. هذه حقيقة لن يغير مراراتها عليكم ان قالها قبيض، أو سطرها كاتب سلطة، أو همس بها انبطاحي أو أي ممن تكرهون. فهي حقيقة، حالها حال واحد زائد واحد، أو سقوطكم المدوّي اليوم.

لهذا، فإن كان لديكم تفنيد أو اعتراض واقعي ومنطقي على ما يطرحه المناوئون لكم، فتصدّوا لهذا الطرح بمنطق وعقلانية، ودعوا عنكم شتم أو تحقير من يعبّر عن رأيه أو يسفّه في مواقفكم. ناقشوا الفكرة وفنّدوا الأخطاء واكشفوا الحقيقة.. إن كانت الحقيقة تخدمكم.

اليوم الامتحان، واليوم ستتجلى الحقيقة، واليوم سيعلن الناخبون رأيهم في نهجكم، واليوم ستعلمون تماما كم كانت ثمينة الفرصة التي ضيّعتم، وكم هي صعبة المعادلة التي استسهلتم. اليوم يتم الانتخاب على الصوت الواحد، لا نشير إلى التعديل الأخير لقانون الانتخاب، ولكن نشير الى الخيار الانتخابي الوحيد، فهو إما مشاركة وإما مقاطعة، لا خيار آخر، لا تحالفات تنفعكم، تضاعف قوتكم وترجح موقفكم، ولا مناورات تدوده الخصوم وتعمي عيون الآخرين.

اليوم الناس لن يختاروا نوابا، بل سيختارون أسلوب حياة.. حياة الانفتاح والتنمية والتطور غير المحدود، الذي توفره الرغبة الأميرية في تحويل الكويت إلى مركز مالي، كما كانت في أيامها الزاهية، وتجسّده الإرادة الشعبية في الحياة وفي ممارسة المباح من نشاط اجتماعي، حرصت مجاميع التخلّف على حرمان الناس منه طوال العقود الأخيرة. اليوم سيختار شعبنا أن يبني وأن يُنتج بدلا من حياة الدعة والدروشة الدينية التي يخطط لها البعض. اليوم شعبنا سيختار الشرفاء من أبنائه ممن قبلوا التحدي وشمّروا عن سواعدهم لبناء كويت الأمل والتفاؤل، وسينبذ وسيرفض كل من عمل على الإبقاء على قيوده وتمديد شقائه وتعميق أحزانه.

اليوم هي بداية النهاية لكم، فرجاء لا تجعلوا الأمر أكثر صعوبة مما هو، ضيّعتم الفرصة، وخسرتم المعركة فانسحبوا انسحاب الشرفاء، فرجاء غادروا أرض الملعب بهدوء واتركوا المسرح بسلام وتعلّقوا بحسن الخاتمة، فهي آخر ما تبقّى لكم.

عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.