ناصر العبدلي: الربح والخسارة

طوي ملف الانتخابات أمس وانفرج المشهد الانتخابي عن نتائج غير مسبوقة، فقد حقق التحالف الإسلامي الوطني نصرا ربما لن يتكرر مرة أخرى بالحصول على خمسة مقاعد في البرلمان الجديد، أحدها في الدائرة الرابعة معقل القبائل الكبيرة، وحصل عليه الإعلامي المتميز مبارك النجادة، كما حصلت التيارات السياسية مثل العدالة والسلام والميثاق والرسالة على 12 مقعدا هي الأخرى في تطور غير مسبوق.
وغاب عن المشهد الانتخابي الحركة الدستورية الإسلامية (حدس) وهي الذراع السياسية لحركة الإخوان المسلمين، كما غاب عنه المنبر الديمقراطي والتحالف الوطني الديمقراطي، وهما واجهتا التيار الوطني في البلاد، بالإضافة إلى كيانات اجتماعية كبيرة كقبائل مطير والعوازم والعجمان، وكيانات اجتماعية صغيرة أخرى، وتواجدت قبائل عنزة والظفير وعتيبة والدواسر والصلبة والمرة وشمر والرشايدة.
المشهد البرلماني أشبه ما يكون بلوحة سيريالية خليط أغلبه لم يكن ليمثل في تلك اللوحة لولا غياب القبائل الكبرى والتيارات الإسلامية كالحركة الدستورية والسلف، والتيارات الوطنية كالمنبر الديمقراطي والتحالف الوطني، وكان بحق فرصة تاريخية لتلك المكونات للمشاركة لأول مرة في القرار الوطني، وهو ما سيكون محل جدل سياسي كبير خلال الفترة المقبلة، فقد أصبحت تلك القبائل والتيارات المقاطعة في مواجهة مع الحقيقة التي طالما تجاهلوها.
المجلس الجديد أمام تحديات أربعة، تحديات يمكن أن تنال من استمراريته، أبرزها التحدي الدستوري والقانوني من خلال الطعن الذي سيقدم للمحكمة الدستورية للطعن بدستورية مرسوم الصوت الواحد وآليته، فيما يتمثل التحدي الثاني في عجز الحكومة المقبلة عن تحقيق أي اختراقات على صعيد الإنجاز والتنمية، وهو ما سيترتب عليه إخفاق المجلس والحكومة معا أمام معارضة خارج البرلمان ربما تزداد في الوقت الحالي بسبب تركيبة مجلس الأمة الجديد.
ويتمثل التحدي الثالث في حجم المقاعد التي حصلت عليها الطائفة الشيعية الكريمة حتى وإن كان ممثلوها انعكاسا لتيارات سياسية وليست تيارات طائفية مثل التحالف الإسلامي الوطني، وتجمع العدالة والسلام والرسالة والميثاق، فهذا الحجم يتطلب وعيا من تلك التيارات بمثل ذلك الوضع حتى لا يتحول هذا العدد إلى ورقة في يد القوى المناهضة للمجلس الجديد لاستخدامها ضده.
التحدي الرابع هو القضايا المؤجلة على بعض النواب على خلفية حكم المحكمة الدستورية الصادر في عام 2008 حول ما يسمى بمرشح «سيئ السمعة»، فربما يكون هناك أحكام تبطل عضوية أولئك النواب وعددهم ليس قليلا، ما يتطلب تنظيم انتخابات تكميلية وتكون فرصة لزيادة عدد المكونات الحالية في المجلس الجديد، في ظل استمرار غياب الكتل الانتخابية الكبيرة عن المشاركة.
ردود الأفعال ما بعد ظهور نتائج الانتخابات تختلف اختلافا كبيرا عما قبله، وخاصة أن الخاسر الأكبر خلال المرحلة المقبلة، في حال استمر هذا المجلس فصلا تشريعيا كاملا، هي القبائل الكبرى الثلاث (مطير، العجمان، العوازم)، بعدما اخترقت قبيلة الرشايدة أجواء المعارضة رغم مقاطعة أحد أبنائها وهو النائب السابق علي الدقباسي لانتخابات الصوت الواحد ضمن فريق ما يسمى المعارضة، كما أن الخاسر الأكبر أيضا التيارات الوطنية والإسلامي
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.