لا يمكن بأي حال من الاحوال انكار ان مقاطعي الانتخابات الاخيرة.. كانوا يشكلون نسبة ليست بسيطة، وان تأثيرهم لم يكن تأثيرا سطحيا بغض النظر عن سبب المقاطعة الذي اختلف من فئة إلى أخرى.. بدليل ان مقاطعتهم أثرت في نسب التصويت التي وصلت الى مستوى مريح للمشاركين وليست قياسية.
ومن هذا المنطلق اعتقد ان الحكومة يجب ألاّ تلغي التوجه المعارض لمجرد ان الانتخابات تمت وجاء مجلس برلماني مريح نوعا ما لها.. لانه ليس من الانصاف ان تتجاهل ابنك الذي يتخذ موقفا معارضا لأي رأي تقوله وتتركه جانبا.. فهو ابنك ويشاركك الحياة في البيت نفسه.. ومن ثم فإن التجاهل لا يحل مشكلة ولا بد من احتواء الموضوع.. شرط ان تكون هناك رغبة صادقة لذلك من الجانبين.
من الطبيعي ان تمارس المقاطعة التهديد بتعكير صفو أي استقرار قادم والتشويش على الحكومة المقبلة.. التي تفترض المعارضة من الآن وقبيل معرفة مكوناتها انها مرفوضة من جانبهم.. كما استمعت الى احد اقطاب المعارضة يقول للاذاعة البريطانية اننا سنستمر في الخروج الى الشارع والضغط لاسقاط الحكومة.. قبل حتى ان تتقدم الحكومة باستقالتها الى سمو الامير.
ومن الطبيعي ايضا ان هذا كله لا يصب في مصلحة جميع مكونات الشعب الكويتي، بمن فيهم جزء كبير ممن قاطع الانتخابات.. لأن الاستقرار والتفرغ للانجاز وتحريك قطار التنمية بعد ان طال وقوفه في المحطة نفسها هو المطلوب.. الأمر الذي يتطلب وبشدة الوصول الى هذا الاستقرار أو حتى الاقتراب منه.. بما هو متاح من مساحة يتحرك فيها الجانبان من دون ان يكون هناك أي استقواء لطرف على الآخر او استغلال له.
بالتأكيد ان هناك حالة متبادلة من الفرح والانزعاج عند طرف دون الآخر في اعقاب انتهاء الانتخابات الاخيرة.. ولكن بالتأكيد ان مبررات الفرح او الانزعاج غالبا ما تكون مضحكة لطرف ضد الآخر.. فكل طرف يريد، ولو بالقوة، اقناع نفسه ان الامور سارت كما يريد وكما كان يحلم.. ومن ثم فهو المنتصر بالتأكيد.
في الكويت، وبسبب خصوصية غير موجودة في أي دولة أخرى.. علينا ألاّ نبالغ في المضي أكثر بهذه الصورة.. وقد يرفض أي طرف من الجانبين مبدأ التنازل ويتمسك بالاصرار على موقفه ورفض أي شكل من اشكال تقليص الخلاف قدر الامكان.. ولكننا في النهاية قد نجد انفسنا مرغمين على القيام بذلك حتى نضع حدا لحالة القلق والتشويش التي نعيشها.
التجاهل الكامل مرفوض.. والاستغلال الكامل مرفوض.. ولكن ما هو مطلوب هو العمل بكل النوايا الحسنة على كسر الرفض الكامل والاستغلال الكامل.
إقبال الأحمد
Iqbalalahmed0@yahoo.com
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق