استمرار ارتفاع أسعار السلع الغذائية عالميا

توقعت مجلة متخصصة استمرار ارتفاع أسعار السلع الغذائية على المدى القصير مرجعة ذلك الى معطيات عدة أهمها توسع الدول الكبرى في انتاج الوقود الحيوي وزيادة النمو السكاني والاقتصادي في البلدان النامية وانخفاض معدل النمو الزراعي.

قالت مجلة (الاقتصاد والأعمال) في عددها لشهر ديسمبر الجاري ان توسع الدول الكبرى في انتاج الوقود الحيوي في السنوات المقبلة يؤدي الى تحويل حصص أكبر من المحاصيل الزراعية مثل الذرة وقصب السكر والزيوت النباتية واستعمالها وقودا حيويا مضيفة ان الزيادة في النمو السكاني والاقتصادي في البلدان النامية ستترتب عليها زيادة في الطلب على الغذاء حيث سيكون عندها من الصعب تلبية هذا الطلب.

واوضحت انه وفقا لتقرير التوقعات الزراعية (2012-2012) الذي أصدرته منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي بالاشتراك مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) فمن المتوقع ان ينخفض معدل النمو الزراعي في العالم من نسبة 2 في المئة في العقود الماضية الى 7ر1 في المئة في العقد المقبل “ما يؤثر سلبا في حجم العرض والمخزونات”.

وذكرت ان النسب بين المخزون الزراعي واستهلاك الحبوب ستبقى منخفضة ما يزيد من تقلبات الأسعار مشسرة الى ان الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية يحمل آثارا سلبية كثيرة على أصعدة مختلفة منها أثره على رفع كلفة الاستيراد الأمر الذي يؤدي الى زيادة الضغوط المالية والاقتصادية على الدول.

وبينت انه علاوة على مشكلة تمويل الاستيراد فإن السياسات المالية المعتمدة من الحكومات لاحتواء تداعيات أزمة ارتفاع الاسعار من دعم واعانات وتحويلات نقدية والغاء للرسوم الجمركية على السلع الغذائية الاساسية تنقل جزءا من عبء الازمة من السوق الى المالية العامة وتفاقم عجز الموازنات وتقلل فرص النمو.

اما على المستوى الفردي أو العائلي فذكرت المجلة ان التضخم الناتج عن ارتفاع أسعار السلع الغذائية يضعف القدرة الشرائية للمستهلكين لا سيما ذوي الدخل المحدود والفقراء ما يسهم في زيادة نسبة الفقر وعمقه.

ونقلت المجلة عن تقرير للبنك الدولي صادر في العام الماضي أن الارتفاع الاخير في اسعار المواد الغذائية دفع نحو 44 مليون شخص الى ان يكونوا دون خط الفقر في البلدان النامية فضلا عن ان زيادة اسعار الغذاء بنسبة 10 في المئة تدفع 10 ملايين شخصا دون خط الفقر المدقع.

واضافت ان ارتفاع الاسعار يؤدي الى تغيير انماط وعادات الاستهلاك “اذ يدفع ارتفاع الاسعار الى استبدال المواد عالية الكلفة بأخرى اقل كلفة الا ان ذلك يكون على حساب جودة المنتجات او من خلال التضحية بمجالات لا تقل اهمية عن الغذاء مثل الرعاية الصحية والتعليم”.

وبشأن تأثير ارتفاع اسعار الغذاء على الدول العربية قالت المجلة ان دول المنطقة العربية من أكثر المناطق حول العالم عرضة لتقلبات أسعار المواد الغذائية وآثارها السلبية مبينة أنها تعتمد بكثافة على الاسواق العالمية لتأمين حاجاتها من الغذاء حيث تستورد اكثر من 50 في المئة من المواد الغذائية التي تستهلكها علاوة على كونها من اكبر مستوردي الحبوب والسكر في العالم حسب احصائية لمنظمة (الفاو).

واشارت الى انه مع ارتفاع مؤشري (الفاو) لأسعار الحبوب والسكر بنسبة 111 و109 في المئة على التوالي فإن من المحتم ان ترتفع كلفة الاستيراد على الدول العربية لهذه السلع الغذائية وسط ضعف الانتاجية الزراعية وتعثر حركة التجارة بسبب الصراعات السياسية والامنية.

وأوضحت ان البلدان العربية التي تعاني اختلالا في ميزانها التجاري وعجزا متفاقما في ميزانيتها مثل لبنان والاردن وتونس والمغرب واليمن هي الاكثر تضررا من ازمة ارتفاع الاسعار الامر الذي يهدد الامن الغذائي بشكل مباشر.

وقالت المجلة ان الدول النفطية العربية استطاعت احتواء الازمة والتخفيف من حدتها بسبب عوائدها من النفط معتبرة ان هذا لا يعني ان الدول النفطية بمنأى عن تداعيات ازمة ارتفاع اسعار السلع الغذائية لا سيما اذا ترافق استمرار ارتفاع اسعار الغذاء مع تراجع طويل الامد في اسعار النفط.

وأضافت انه بصورة عامة تشير التقارير والدراسات الى ان ازدياد حجم واردات البلدان العربية في السنوات المقبلة من السلع الغذائية بسبب ارتفاع عدد السكان وتراجع الانتاجية الزراعية يجعلها أكثر عرضة لصدمات أسعار الغذاء ويفرض على حكوماتها اجراءات وقائية سريعة لضمان الحد الادنى من الامن الغذائي”.

يذكر ان مؤشر منظمة (الفاو) لأسعار الغذاء ارتفع خلال الفترة من يناير 2006 الى أغسطس 2012 بنسبة 84 في المئة مسجلا معدلات غير مسبوقة حيث شمل هذا الارتفاع معظم الفئات الغذائية الاساسية كالحبوب (111 في المئة) واللحوم (55 في المئة) ومشتقات الحليب (58 في المئة).

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.