ناصر العبدلي: ماذا نفهم وليس ما نرى

أطراف المشهد السياسي الآن خمسة هي، الحكومة ومجلس الأمة الجديد والحراك الشبابي بتنظيماته وما يسمى بالأغلبية البرلمانية، بالإضافة إلى طرف خلف الكواليس حتى الآن يرفض الكشف عن نفسه ويحبذ أن يكون على هذه الحالة رغم أنه من أكثر الأطراف العاملة على الساحة تأثيرا وقدرة على اقتناص الفرص وتحييدها لصالحه عكس البقية، فبعضهم مرتبك وآخر عاجز وثالث مندفع.
الحكومة المقبلة هي الطرف المعني قبل غيره ببلورة مبادرة وطنية لوضع البلد على الطريق الصحيح، بعد سنوات طويلة من المماحكة والجدل السياسي، وخاصة أن الطرف الذي لطالما كان جزءا من ادعائها بعرقلة مسيرة التنمية بات الآن خارج إطار السلطة التشريعية، ما يعني أن أي إخفاق في المرحلة المقبلة هو من صنيعتها هي ولا تستطيع أن تلقي بمسؤوليته على أحد آخر.
ليس المجلس الجديد معفى هو الآخر من المسؤولية رغم قلة خبرة نصف أعضائه وعدم امتلاكهم رؤية واضحة ومحددة للحلول محل النواب السابقين، خاصة نواب الحركة الدستورية الإسلامية والمنبر الديمقراطي والتحالف الوطني الديمقراطي وكتلة العمل الشعبي، فبإمكان ذلك المجلس الالتزام بالنصوص الدستورية وتفسيرها تفسيرا إيجابيا، وبإمكانه أيضا تقمص شخصية نواب ما يسمى بالأغلبية في المجلس السابق بحثا عن شرعية وبالتالي السير في نفس المسار.
الحراك الشبابي بتنظيماته ربما يكون هو الطرف الأكثر جدية في دعم أفكاره والدفع بها إلى الأمام، لكنه يفتقد إلى البنية التنظيمية المجدية التي تمكنه من العمل اعتمادا على ذاته بعيدا عن بعض الأطراف الانتهازية، ويفتقد أيضا إلى مشروع واقعي يمكن تطبيقه، فما يحمله مجرد طروحات أكثرها غير قابل للتطبيق استنادا إلى الثقافة المجتمعية وطبيعة النظام الكويتي الفريد من نوعه.
ما يسمى بالأغلبية البرلمانية، وهو خليط جرى تركيبه على عجل في الفترة الماضية، يحاول أن يجاري التطورات السريعة، فقد سبق أن أعلن هذا الطرف عن استقالة أعضائه من مجلس 2009 بعدما أبطل مجلس 2012 ولم يفعل ذلك، ثم رفع شعار إسقاط مرسوم الصوت الواحد لكنه لم يتمكن من إسقاطه، ليرفع شعارا آخر يستهدف منع إجراء الانتخابات البرلمانية السابقة لكنه أخفق في التأثير عليها، وكانت النسبة التي حصل عليها لا تتجاوز 15 % من عدد الأصوات، وهو الآن يرفع شعار إسقاط مجلس الأمة الحالي وربما ينجح وربما يضيف إلى إخفاقاته السابقة إخفاقا جديدا.
الطرف الأكثر تأثيرا في الساحة السياسية هو ذلك الذي يعمل خلف الكواليس وأجندته ليست واحدة بل هناك أكثر من أجندة، لكنه الأقوى بسبب وضع الغموض الذي يتمترس خلفه وبسبب ملاءته المالية الضخمة وحجمم المؤسسات الإعلامية التي يمتلكها وحضوره الضخم في قنوات التواصل الاجتماعي مثل التويتر والفيسبوك وغيرهما، وهذا الطرف يدير نصف العملية السياسية في البلاد لكنه لا يتحمل مسؤوليتها ولامسؤولية إخفاقها بل يستفيد من أية نجاحات هنا أو هناك.
هناك ضحايا لهذا المشهد السياسي المزدحم بالمعارك والتصفيات، فالمعركة الوحيدة التي بلا ضحايا هي معركة الطواحين، أما المعركة الحالية فضحاياها جزء كبير من المواطنين وخاصة أبناء الطبقة الوسطى، فهم الأكثر عطاء داخل المجتمع لكنهم لا يحصلون على مقابل لذلك العطاء كما يجب بسبب مثل تلك الصراعات الأفقية، إن كانت طائفية أو قبلية أو مناطقية، في حين كان المفترض أن يكون الصراع الحقيقي صراعا طبقيا كما هي الديمقراطيات الأخرى في العالم.
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.