قرار سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد بتخفيض عدد الأصوات الممنوحة للناخب إلى صوت واحد بدلا من أربعة أنقذ البلد من فوضى عارمة كادت أن تطيح بها أكثر من مرة لولا موقف الحكماء، وبعضهم من أعضاء ما يسمى بالأغلبية البرلمانية في المجلس الماضي، والسبب أن عدد الأصوات الممنوحة للناخب أخرجت أغلبيات وهمية ليس لها أرجل على الأرض، وإنما أغلبيات «قلص» كما يسميها الشباب.
الصوت الواحد كان قرارا حكيما لأنه وضع خطا فاصلا بين دولة القانون والفوضى، وهو فعلا ما سنلمسه خلال السنوات الأربع المقبلة، بعد أن تدخل البلاد فترة من الهدوء تفرضه الحقائق الموضوعية على الأرض، وخاصة أن هناك استحقاقات جرى تجاهلها لفترة طويلة من باب المجاملة وتهدئة الخواطر، رغم أن ذلك كان على حساب مستقبل أبنائنا وحقهم في العيش كما عاش آباؤهم.
إدارة الدولة بحاجة إلى حزم وحسم في تطبيق القانون وطي الملفات العالقة، والصوت الواحد هو المدخل الحقيقي لاسترداد دولة القانون بعد أن ظلت غائبة لما يقارب ثلاثين عاما انعكاسا لظروف استثنائية أدت لها، وربما يكون هناك معالجات أخرى على قانون الانتخاب تجاه توفير المزيد من العدالة وتكافؤ الفرص بين الدوائر الخمس يقوم بها مجلس الأمة الجديد.
التعبير عن الرأي حق كفله الدستور، ووسائل التعبير عن الرأي كثيرة، فيمكن أن يكون ذلك عبر تنظيم الندوات في الدوائر والمناطق المختلفة، ويمكن أيضا أن يكون ذلك عبر الاعتصام في ساحة الإرادة وانتقاد الأوضاع السياسية الحالية من خلال ما يسمح به الدستور والقانون وليس من خلال تجاوزه، وهناك أيضا فرصة للتعبير عن الرأي من خلال وسائل الإعلام المختلفة وما أكثرها في البلاد حاليا.
تبرير المواقف الحالية من جانب ما يسمى بالأغلبية البرلمانية بأن قرار سمو الأمير تخفيض عدد الأصوات إنما هو تحديد طبيعة ونوعية مجلس الأمة المقبل ليس في محله، وإلا صدق ذلك على مرسوم تعديل الدوائر من عشر دوائر إلى خمس وعشرين دائرة في عام 81، حيث رأينا في تلك المجالس المنبثقة عن الدوائر الخمس والعشرين مجالس معارضة وأخرى أقل معارضة، ولم يعترض أحد على نتائجها، كما حدث ذلك مع الدوائر الخمس، فقد كان مجلس 2009 أقل معارضة للحكومة وكذلك مجلس 2012 الذي كان فيه أغلبية معارضة كما تدعي.
قرار إيصال المعارضة رغم أنني لا أحبذ إطلاق معارضة على ما نراه من عدمه هو قرار الشعب الكويتي، وهذا ما رأيناه طوال السنوات الماضية، رغم التعديلات على قانون الانتخاب سواء أكانت تلك التعديلات من خلال مجلس الأمة أو من خلال مراسيم الضرورة، فإن شاء المواطن الكويتي إيصال المعارضة فعل، وإن شاء منحها استراحة من العمل البرلماني فعل.
الفوضى لا تخدم العمل الديمقراطي كما أنها لا تفعل مع القطاعات الأخرى، فهناك تحديات تواجهنا في المرحلة المقبلة، وينبغي لنا التعاطي مع تلك المرحلة بأساليب ديمقراطية ذات تأثير إيجابي على الأجواء السياسية مهما كان في صدورنا من مبررات نعتقد أنها هي الصحيحة، فالعمل الجماعي على صعيد السياسة أفضل بكثير كمدخل لتطوير العمل البرلماني.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق