نشرت مجلة المجلة مقالا للكاتب والمحلل السياسي احمد العيسى تناول خلاله قراءة في نتائج الانتخابات الكويتية ومستقبل التحالف بين الإخوان والقبليين .
بإعلان اللجنة العليا للانتخابات النتائج الرسمية لانتخابات مجلس الأمة التي أجريت قبل أيام تكون الكويت قد طوت صفحة الانتخابات وفتحت صفحة جديدة للحراك السياسي.
وبحسب الفريق الدولي لمراقبة الانتخابات، فإن نسبة المشاركة بلغت 40.3 في المائة من إجمالي الناخبين البالغ عددهم 420 ألف ناخب وناخبة، كما لم تشهد الانتخابات بناء على تقرير الفريق أي اختراقات أو تجاوزات تؤثر في سلامتها، ولا يوجد نص بدستور الكويت الذي تعمل بمقتضاه البلاد منذ عام 1962 يحدد نسبة لازمة للمشاركة، إذ تقوم الانتخابات الكويتية على مبدأ التصويت مرة واحدة بأي نسبة كانت، بل أن قانون تنظيم الانتخابات يمكن من إعلان المرشحين نوابا بالتزكية في حال عدم وجود منافسين لهم بالدوائر الانتخابية وعدم إجراء الانتخابات في حال لم يتعدوا عشرة مرشحين يمثلون الدائرة.
وبدورها قدمت الحكومة استقالتها وفقا للضوابط الدستورية التي تلزمها الاستقالة بعد انتهاء الانتخابات وتشكيل حكومة جديدة، حيث كلف أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد أمس رئيس الحكومة السابقة الشيخ جابر المبارك تشكيل الحكومة الجديدة.
وتشهد الكويت منذ إعلان النتائج تصعيدات من قبل المعارضة، التي تضم خليطا يغلب عليه الإخوان المسلمين والقبليين إضافة إلى فصيل من التيار الليبرالي، بلغت إلى حد تنظيم مسيرات احتجاجية داخل المناطق السكنية بهدف الضغط على الحكومة لإلغاء نتيجة الانتخابات وإعادة إجرائها وفقا للنظام السابق القائم على امتلاك كل ناخب وناخبة أربعة أصوات بدلا من التعديل الذي أجراه أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الشهر قبل الماضي وقلص بموجبه عدد الأصوات إلى صوت واحد للحد من التحالفات وتكتيكات تبادل الأصوات التي كانت تعتمد عليها المعارضة للدفع بأكبر عدد من النواب المحسوبين عليها على حساب الأقليات.
وبإعلان النتائج الرسمية لانتخابات الدورة الرابعة عشر للبرلمان، لجأ عدد من المواطنين إلى المحكمة الدستورية لتنظر في مدى دستورية قرار سمو أمير البلاد بتقليص عدد الأصوات لكل ناخب وناخبة، وهو الأمر الذي سبق أن باركه سمو الأمير بإعلانه قبوله بحكم المحكمة الدستورية حتى لو جاء عكس رغبته كونه الإجراء الدستوري السليم.
وستلقي الطعون الانتخابية أمام المحكمة الدستورية بظلالها على المشهد السياسي، وسط توقعات بأن يصدر حكمها في غضون أربعة إلى ستة أشهر، وهو ما قسم المعارضة إلى فرقتين، الأول يدعو لمنع المسيرات داخل المناطق السكنية خاصة وأنها تهدد أمن المواطنين وتخلق حالة من الصدام بين المحتجين وقوى الأمن، والثاني الذي يدفع بالمواجهة إلى حد الصدام.
المعارضة تنقل المعركة الى الشارع
وبتحليل نتيجة الانتخابات، يكون أكبر الفائزين هم أبناء الطائفة الشيعية الذين حظوا بعدد 17 مقعدا من أصل 50 يتألف منهم البرلمان، كما استطاعت 3 نساء الوصول إلى المجلس، يضاف لهم عدد من ممثلي الأقليات، وهم الذين لم يكونوا يحظوا بتمثيل بالسابق نظرا للتحالفات التي تقوم بها بعض الأطراف السياسية أو القبلية التي كانت تحصل على تمثيل مبالغ فيه ولا يعطس حجمها الحقيقي بالمجتمع، إذ كانت الانتخابات الكويتية قبل قرار سمو أمير البلاد تمكن الأقليات المنظمة من الحصول على تمثيل على حساب الأكثريات غير المنظمة، ولذلك كانت هناك فئات اجتماعية لا تحظى بأي تمثيل نظرا لتوجيه أصوات الأقليات المنظمة ناحية مرشيحها، وهو ما ساهم بخلق حالة احتقان واصطفاف داخل الدوائر الانتخابية، وهو ما استطاع تعديل النظام الانتخابي القضاء عليه، ليصبح لكل مرشح أو مرشحة فرصة حقيقية بالفوز بعد حصوله على أعلى عدد أصوات من ناخبي الدوائر الخمس التي تفرز عشر ممثلين لكل منها يشكلون مجتمعين أعضاء مجلس الأمة.
وكان لافتا، الاحتقان السياسي الذي شهدته الكويت في انتخابات الدولة الأخيرة للبرلمان، غياب أي شكل من أشكال المخالفات الانتخابية، إذ لم تقم القبائل بإجراء انتخابات فرعية يجرمها القانون، كما لم تسجل الجهات الرقابية على الانتخابات أي بلاغ جدي لمحاولة شراء الأصوات التي يجرمها القانون.
وسيتعين على نواب مجلس الأمة الجديد العمل على تنسيق جهودهم لمواجهة حملة المعارضة التي ترى أن المجلس الجديد فاقد للشرعية السياسية والشعبية، وهو ما سيضعهم أمام تحديات كبيرة لإثبات أنفسهم كونهم الآن حلوا محل المعارضة التي قررت مقاطعة الانتخابات وحرضت المواطنين على عدم المشاركة انتخابا وتصويتا للضغط على الحكومة إلغاء قرار سمو الأمير وإجراء الانتخابات وفقا للنظام السابق القائم على تقسيم الكويت إلى خمس دوائر انتخابية يملك كل ناخب وناخبة فيها حق اختيار أربعة مرشحين، بدلا من التعديل الجديد الذي أبقى تقسيم وعدد الدوائر كما هو، وقلص عدد الأصوات التي يملكها كل ناخب وناخبة إلى صوت واحد.
قم بكتابة اول تعليق