المقاهي الشعبية في الكويت تتميز بطابع تراثي مفعم بروح أيام زمان


تتميز الاسواق القديمة في الكويت بما تكتنفه من محال وأماكن ومقاهي شعبية بطابع تراثي وهندسي مميز لناحية البناء بتصميم خشبي لأسقفها ومن الجندل مغطاة غالبا ب”العرشان” اتقاء للمارة من حرارة الشمس او هطل الامطار.
وفي أحد مقاهي سوق المباركية القديمة المبني وفقا للطراز القديم يمكن ببساطة ملاحظة مجموعة من كبار السن أثناء ارتيادهم المقهى داخل ممر ضيق بعيدا عن مظاهر الحياة العصرية اذ لا تلفاز أو تكييف وانما فقط كراسي قديمة تم اكساؤها بقطع متفرقة من السجاد العادي والمتناثرة هنا وهناك.
ومن المعروف أن أقدم مقهى شعبي في الكويت يعود الى نهاية ثلاثينات القرن الماضي ويقع في سوق السلاح الموازي لسوق “الجت” والمتفرع من سوق الغربللي وشارف عمره حاليا على 70 عاما ورواده في الغالب من كبار السن.
وفي هذا الصدد قال أحد مرتادي تلك المقاهي عبدالحميد السالم (في عقده السابع من العمر – أعمال حرة) لوكالة الانباء الكويتية (كونا) ان مقاهي المباركية وخصوصا القديمة منها “ربما تبدو متواضعة لكنها توفر نوعا من السكينة والهدوء اذ يكفي ان تجلس فيها وتستمع الى الاغاني الكويتية القديمة لعبدالله فضالة ومحمود الكويتي لتشعر وكأنك تعيش في كويت اربعينات القرن الماضي”.
واضاف السالم “اننا في هذا المقهى (في سوق المباركية) نمضي ساعات جميلة بعيدا عن ضجيج الحياة العصرية أو ما تحمله وسائل الاعلام ونشراتها من أخبار “قاتمة” لنستمع فقط الى “حكايات اهلنا ونوادر وسوالف قديمة عن اهل الكويت”.
من جانبه أبو فيصل القلاف (متقاعد منذ 25 عاما وموظف سابق بوزارة المواصلات) اعتبر المقاهي القديمة “بمنزلة مدارس متنقلة نتبادل فيها الاحاديث حول مظاهر الحياة الاجتماعية المفيدة المليئة بالدروس والعبر التي يستفيد منها الجميع الصغير قبل الكبير”.
وقال القلاف انه وباقي رواد المقاهي “يحرصون على القدوم الى سوق المباركية منذ الصباح الباكر لشراء اللحوم والاسماك والخضار (الايدام) ووضعه في ثلاجة كبيرة في أحد المقاهي وما ان نهم بالخروج حتى نأخذ لوازمنا”.
وذكر ان المقهى الذي يرتاده “شهد اجمل فترات حياتنا فكنا نأتي اليه منذ أيام شبابنا مع الوالد حتى اننا اعتدنا عليه ورواده وعلى رائحة المكان على وجه الخصوص”.
من جهته عبدالرحمن غنام (ابو حمد) أحد أشهر رواد تلك المقاهي (مدرس سابق ومتقاعد منذ 40 عاما) روى كيف انه اعتاد القدوم الى سوق المباركية منذ أكثر من أربعين عاما بشكل شبه يومي حتى انه لا يستطيع التخلي عن “استكانة الشاي ام دقمة” التي لم يتغير طعمها أو سعرها عن السابق.
واضاف غنام “ان المقهى الذي يرتاده كان يسمى قديما (قهوة الكبسي) على اسم مالكها حسين الكبسي وافتتحت اواخر ثلاثينات القرن الماضي وهي تسمى حاليا (قهوة الوطن) “ويمكنني في هذا المقهى ان التقي بأصدقائي منذ ايام مدرسة المباركية ونجتمع هنا عقب صلاة الفجر ومع ساعات الصباح الاولى لشرب “استكانة الشاي” بعد تناولنا “الريوق”او وجبة الافطار وهي عبارة عن (خبز ايراني وباجلاء ونخي وكبده) من احد المطاعم هنا لاسيما ان المقهى يفتح من الساعة الخامسة فجرا وحتى العاشرة ليلا.
وذكر ان المشروبات في المقهى عبارة عن الشاي “بالاستكانة أم دقمة” ويقدم الماء بكؤوس “الستيل” القديمة مجانا مبينا ان المقاهي “أيام زمان” لا تقدم أي نوع للقهوة سواء عربية أو تركية أو اجنبية بل فقط “استكانة” الشاي والزعتر واللومي.
وفي (مقهى الرواد) الذي يعد ثاني أقدم مقهى في الكويت قال أحمد دشتي (متقاعد من شركة النفط منذ 20 عاما) انه يحرص دائما على التواجد في مقهى الرواد “وكان قديما يسمى (قهوة عبدالوهاب البلوشي) التي أنشئت أواخر اربعينات القرن الماضي”.
واضاف دشتي انه يجد متعة التسوق في سوق المباركية اضافة الى المشي والجلوس في المقاهي القديمة التي مرت عليها عشرات السنين ولا تزال تحتفظ بنوعية وجودة المشروبات الساخنة.
وذكر انه يمكن للمرء لقاء مختلف أبناء المجتمع الكويتي بأطيافهم كافة في هذا المكان بعيدا عن أي شكل من اشكال التفرقة فيما بينهم بل يجلسون معا في مختلف اماكن التجمع بالمباركية.
من جهته قال عامل القهوة حسن صادق (ايراني الجنسية) ان أسعار المشروبات لم تتغير رغم ظاهرة ارتفاع الاسعار بل ما زالت تحضر على الطريقة الفحم القديمة وتحتفظ بنكهتها خاصة لذلك من الصعب ان يبدلها الرواد.
من جانبه اوضح احمد العازمي (دلال عقار) ان التجمع الكبير في قهوة (الدلالوة) “يجعلنا نعيش التراث القديم ونأتي الى هنا ونتبادل الاحاديث بيننا حول اسعار العقارات والعمارات وموضوعات الديرة والساحة السياسية وأهم الاحداث فيها”.
وقال العازمي ان قهوة (الدلالوة) تقدم مشروبات ساخنة متنوعة فضلا عن المشروبات الغازية اضافة الى “القدو” معتبرا ما يميز الجلسات في مقاهي سوق المباركية انها تجمع جميع الاسواق وتلبي مختلف الاحتياجات في مكان واحد

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.