“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ” (الحجرات 6).
أعتقد أن إستعمال البعض القليل جداً للغة الاستفزاز والتخوين ضد من يعارضونهم في الآراء لا طائل منه. فهؤلاء المستفزون لمشاعر إخوانهم المواطنين يقدمون على تصرفات سلبية ربما ستقع عواقبها عليهم لاحقاً, فلا يمكن في أي حالة ديمقراطية أن تكرس لغة التحدي والعناد وتخوين الطرف الآخر وحدة وطنية سليمة أو تؤدي إلى تكريس ممارسة ديمقراطية بناءة. ولا يمكن لأي استفزازات وانفعالات سلبية تصدر من لدن أشخاص ضيعوا بأيديهم فرصة ديمقراطية ذهبية أن تحقق نجاحات على أرض الواقع الوطني. فالمواطن الحق والإنسان الجاد ربما شبع من كثرة كلام وصخب هؤلاء القوم. وربما أدركت غالبية الناس أنه ليس بجعبة اولئك المؤزمين شيئ ذو قيمة إيجابية يمكن أن يقدموه لمجتمعهم: فلا طرح هؤلاء الاستفزازيون رؤى حضارية سديدة تصنع واقعاً اجتماعياً ناجحاً لأبناء وطنهم. ولا هم استطاعوا تقديم مشاريع حضارية تنهض ببلادهم أو تؤدي إلى توفير فرص حقيقية للنجاح وللتطور الإنساني في وطنهم. فيصعب أن يتمكن اللجوج والاستفزازي والصاخب ومن لا تفارق لسانه التهم المفبركة ضد من يعارضونه, أن يقدم شيئاً ينفع عامة الناس, فإذا لم تكن معه فأنت بالحتم ستكون ضده, أو هكذا يمغمغ العقل الأحادي لبعض الاستفزازيين سجالاتهم العقيمة وشعاراتهم الخاوية!
إضافة إلى ذلك, استعمال لغة الاستفزاز والتحدي وإلقاء التهم المعلبة ضد المعارضين في آرائهم أو من لا يتفقون مع المؤزمين ربما يدل على ضعف في النضج الديمقراطي, فلا يوجد في عالمنا المعاصر والمتمدن والحضاري ديمقراطية “غصبن عليكم” أي لن يقبل عالمنا المعاصر والمتمدن والحضاري شرعنة خطابات التأزيم المفبركة والاستفزاز ضد من قاموا بأداء واجبهم الوطني وصوتوا في انتخابات دستورية وشفافة ونزيهة بشهادة المنظمات الدولية والاقليمية والمحلية المستقلة. فيا ليت لو يبدأ البعض يطهرون أفئدتهم من الكِبرَ ويعترفون ولو لمرة واحدة خلال مسيرتهم المتناقضة أنهم لم يتمكنوا فعلاً من اقتناص الفرصة الذهبية. وما عليهم الآن سوى أن يلتزموا باستحقاقات الديمقراطية ويقبلوا أيضاً بحتمية وجود عواقب مستحقة بشأن عدم احترام القانون في مجتمع ديمقراطي ومدني كويتي ربما لن يقبل بعد الآن: عفى الله عما سلف.
* كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق