تواجه المجتمعات العربية مظاهر من التخلف، فغياب الحوار بين مكونات المجتمع وعدم الانفتاح في الرأي والرأي الآخر والاستماع إليه ومناقشته بالحجة، سببان رئيسيان لتخلف مجتمعاتنا عن ركب الحضارة.
في المجتمعات الغربية هناك استقرار سياسي واجتماعي، ليس لعدم وجود اختلافات في الفكر في ما بينهم في الرأي والمصلحة، بل تتعرض هذه المجتمعات لمشكلات وأزمات لتعدد الأعراق والديانات والأحزاب وهي أكثر مما لدينا بكثير، كما أن هناك تنافساً على المصالح والمكاسب فيما بينهم، وعلى عكس ما لدينا من مشتركات عديدة، فنحن ننعم، ولله الحمد، بدين واحد ولغتنا واحدة والاختلافات العرقية متقاربة، لكنهم ينعمون بمؤسسات ديموقراطية على الصعيد السياسي والاجتماعي والثقافي، تعالج هذه المشكلات والأزمات بالحوار الإيجابي وبمنطق العقل ومراعاة المصالح المشتركة والمصلحة العليا للبلاد، فتتناقش بأسلوب حضاري، بحيث أصبح ذلك إطاراً لبوتقة تحتوي هذه المشكلات والأزمات درءاً لأي تطرف في الرأي، بحيث لا ينعكس ذلك على سير حياتهم المستقبلية حفاظاً على أوطانهم.
ما نعاني منه منذ سنوات عدة هو التطاحن المستمر بخلق الأزمات الواحدة تلو الأخرى من قبل من يعملون على إقصاء كل من يختلف معهم في الرأي وبالتفرد بآرائهم وفرضها على الطرف الآخر، مما انعكس سلبياً على مسيرتنا الديموقراطية وإفراغها من محتواها الأصيل وتشويهها والذي أدى إلى سخط المواطن البسيط الذي يبحث عن نماء اقتصاد بلده وحياته الأسرية والمعيشية والاجتماعية.
والآن، وبعد أن تخطينا مرحلة الانتخاب والتي من حسن الطالع أنها أفرزت لنا عناصر شبابية جديدة تملك الكفاءات العالية في مجالات متعددة وذات قدرات قيادية أثبتت تفانيها في أعمالها السابقة، يتطلب الإتيان بحكومة جديدة من ذوي الكفاءة والقوة في اتخاذ القرار دون تردد، ليتعاونا معاً بتناغم لنطوي صفحة الماضي الذي عشناه على مدى السنوات الست الماضية، ولننطلق من مرحلة الجمود إلى مرحلة بناء مجتمع جديد لنضع بلدنا في مصاف الدول المتحضرة.
إن من أولى الأولويات على الحكومة والمجلس هو العمل والحرص الشديد على تجنيب البلاد حالة الاستقطاب الطائفي وانتشال البلاد من وحل الفوضى واختراق القوانين وتنظيف الجهاز الحكومي من المخلفات التي تعرقل تطويره وتحقيق الانضباط في التعيينات القيادية بموجب مسطرة الكفاءة والخبرة ونظافة اليد والقدرات القيادية وتفرغ المجلس لمهمته الأساسية في التشريع والرقابة وتكريس الطاقات المشتركة للعمل الجاد وإنجاز المشاريع لإعادة ثقة المواطن بالسلطتين.
ثم ماذا يتطلب الأمر منا نحن جمهور المواطنين؟ إن واجبنا أن نراقب نوابنا ونحثهم على العمل الدؤوب مع الحكومة لتحقيق الإنجازات المطلوبة بالتفرغ للتشريع ومراقبة أداء الحكومة والكف عن تجاوز القوانين، بل المطلوب عكس ذلك بالالتزام بسيادة القانون لتحقيق العدل والمساواة بين المواطنين بكافة أطيافهم.
أما بالنسبة للذين اتخذوا قرار عدم المشاركة، فنقول لهم: لقد سجلتم موقفكم المبدئي، ولذلك فإن المرحلة التي نمر بها جميعاً دقيقة وتتطلب تهدئة الأمور بإفساح الساحة للعمل وعدم خلق العقبات التي تعرقل الإنجاز، خصوصاً بعد تقدم الأخوة الأفاضل عبدالله الرومي، عادل الصرعاوي، مرزوق الغانم، وأسيل العوضي بالطعن أمام المحكمة الدستورية بشأن مرسوم الضرورة بالصوت الواحد.
موسى معرفي
mousamarafi@hotmail.com
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق