هناك انقسام داخل ما يسمى الأغلبية البرلمانية في مجلس 2012 المبطل من المحكمة الدستورية، فهناك جناح يرفض المسيرات بشكل قاطع ويحبذ استبدالها بمهرجانات خطابية وندوات وربما اعتصامات في ساحة الإرادة، فيما يرى جناح آخر تشجيع مثل تلك المسيرات وتطويرها لتصبح بشكل يومي في المناطق وربما المبيت في ساحة الإرادة، ووضع خيام هناك حتى سقوط المرسوم.
وهناك جناح ثالث لا أحد ينتبه له وربما أفضل تسمية له هي «المغلوبون على أمرهم»، هؤلاء يبدو أنه لا رأي معلنا لهم خوفا من ديكتاتورية الجناحين الآخرين، وخاصة أن أحد الجناحين يدعم موقفه ورأيه بالنص الديني، فيما يتمترس الآخر خلف الديكتاتورية الشعبية، لكن رأيهم خلف الكواليس أن قرار مقاطعة الانتخابات كان خطأ إستراتيجيا ولم يكن مدروسا بما فيه الكفاية أو التصويت عليه داخل تلك الأغلبية.
هناك تياران ممثلان فيما يسمى بالأغلبية البرلمانية، أولهما الحركة الدستورية الإسلامية والثاني التجمع الإسلامي السلفي، وهناك ثلاث تيارات سياسية خارجها هي المنبر الديمقراطي، والتحالف الوطني الديمقراطي، والتحالف الإسلامي الوطني، وتلك التيارات تتحمل مسؤولية تردي الحالة السياسية في البلاد لسلبية بعضها وتغليب العاطفة على العقل في العملية السياسية، وهو أمر لا ينبغي لها تبنيه.
يفترض بالتيارات الخمس الرئيسة في البلاد أن تتبنى مبادرة وطنية للخروج من عنق الزجاجة بالنسبة لبعضها، فهناك قرارات اتخذت وربما بعضها لم يكن متسقا مع واقع الأمور، ولا يمكن أن تخرج الأوضاع من الحالة الراهنة دون غطاء وطني يمكن من خلاله صياغة الساحة السياسية من جديد، وإعادة رسم خريطتها لتكتمل كل مكونات العمل الوطني داخلها.
ربما يكون من المجدي وعي أهمية الحديث عن المشروعات المستقبلية للمكونات السياسية الوطنية، وعدم الالتفات إلى الوراء، وهناك الكثير من القضايا التي يمكن أن تكون محل إجماع بين تلك المكونات، وربما تكون انطلاقة أيضا للتفكير في تحصين الفصائل الوطنية من تلك الطروحات التي انتابت الساحة المحلية مؤخرا، مثل التشكيك بالولاءات وسياسات الإقصاء وغلبة الأجواء الانتخابية على أجواء العمل السياسي المفترض.
ترك الساحة للأفكار المرتجلة ووليدة الساعة إنما يصب في خانة هز الثقة بين المكونات الوطنية، سواء أكانت تلك المكونات شرائح سياسية أو شرائح اجتماعية، وقد جربنا خلال فترة بسيطة مثل تلك الأفكار وكان طابعها الارتباك والتردد والضياع في أجواء الوهم التي نسجت فواصلها دون فهم ووعي لحقيقة الأمور، مما تطلب طرحا جديدا يلتف حوله الجميع.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق