خالد الجنفاوي: نبذ التباغض: الكويت تجمعكم

“مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ” ( ق 18).
اؤمن شخصياً: أن “المسلم هو من سلم الناس من لسانه ويده.” فمن يُلقي التهم على الآخرين من دون بينة ويسيء الظن بهم فقط لأنهم لا يتفقون معه في الرأي ربما يأتي تصرفاً يبدو يتنافى مع الخلق الإسلامي السوي, بل أن تشويه الوقائع وإلقاء التهم المعلبة على الناس الآخرين بسبب اعتناقهم آراءً ومواقف مختلفة, تتنافى مع بديهيات ومسلمات الديمقراطية البناءة. فالإنسان العاقل, بل الفرد المسلم والمواطن الكويتي الحق يبتعد كل البعد عن قذف الناس بما ليس فيهم, حيث تتعارض هذه السلوكيات السلبية مع كل المقومات الأخلاقية الدينية والاجتماعية والديمقراطية, وفي سياقنا المحلي, حري بالبعض, وبخاصة أولئك الذين استخدموا خلال الفترة الأخيرة خطابات المعارضة ومن كلا الاتجاهين, أي المقاطعين والمشاركين في الانتخابات البرلمانية, أن يتذكروا قول الله عز وجل: “وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوا مُبِينًا” (الاسراء 53). فنبذ مشاعر الخصومة والتباغض بين أبناء الوطن الواحد يحقق آخر الأمر مصالحهم المشتركة.
إضافة إلى ذلك, يصعب علي قبول أي خطاب يزدري الطرف الآخر, وبخاصة إذا كان الطرف المقابل مواطناً كويتياً يحمل على عاتقه المسؤوليات والواجبات الاجتماعية نفسها ويتمتع بحقوق المواطنة نفسها التي اتمتع بها كمواطن كويتي, وحتى لو اختلفت مع الآخرين في آرائي أو في تفسيري لما يحصل في بلدي, ففي نهاية اليوم يبقى الطرف الآخر ابن أو ابنة الكويت, فالاختلاف في الآراء لا يفسد للود قضية: أي بعد انتهاء الصخب وخفوت الجدل والسجالات العقيمة, سنبقى جميعنا ككويتيين أبناء وطن واحد ومجتمع متماسك ينتظر منا التشمير عن سواعدنا للنهوض بوطن لم يبخل علينا بشيء. فإذا كان البشر زائلين وإذا كان الوطن باقياً, فالخصومة والجدل المحتدم زائلة لا محالة, وسيبقى أبناء وبنات الكويت مواطنين كويتيين اجتهدوا وتداولوا الآراء ثم رجعوا لحضن الوطن والذي لم يغادروه إطلاقاً.
فلا يوجد لدي خلافات شخصية مع أي من المشاركين في خطاباتنا السياسية المحلية المختلفة. ولكنني لا أزال أؤمن أن احدى مسؤولياتي الوطنية كمواطن كويتي يفخر بانتمائه لهذا المجتمع الفريد من نوعه: أن أُقَرِّب قلوب أبناء وطني لبعضهم بعضاً ففي نهاية الأمر, وبعد أن تهدأ الساحة المحلية, سيبقى هذا الوطن المعطاء يجمعنا ككويتيين بكل تنوعنا الفكري وبكل آرائنا المختلفة. فلعل وعسى.

كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.