سلوك غوغائي يمارسه حفنة من الشباب المراهق الذي ينزل إلى الشوارع ليلاً في بعض المناطق السكنية بلا رادع أخلاقي سليم ولا ذوق اجتماعي مسؤول! سلوك يتمثل في التمرد على النظام القائم في البلاد عبر إقامة مسيرات غير مرخصة تستمر حتى الساعات الأولى من الصباح، تسعى لإشاعة الفوضى وتعكير أمن واستقرار الأسر والأهالي في بيوتها، وفيها استهداف رخيص لقوات الأمن وإهانتهم بالكلمات الجارحة والبذيئة، ورمي الحجارة والمقذوفات النارية عليهم ودهس المارة منهم، وحمل السلاح المجرّم اقتناؤه قانوناً جهاراً وتهديد رجال الداخلية به! وكلنا شاهد عبر الإنترنت والتلفاز صوراً ومقاطع مقزّزة لجرائمهم تلك باسم «الكرامة» و«الحرية» وبصورة تدل على سوء مرتكبيها!
سلوك دخيل على المعارضة السياسية في بلدنا نستنكره أشد الاستنكار، وندعو الحكومة في بلدنا إلى مواجهته بحسم وعزم وهمّة عالية، ولا يعني ذلك التفريط باستخدام القوة من قبل رجال الأمن، إذ لا يعالج الخطأ بخطيئة لأنهم أولادنا ومن صلب أرحامنا، بل يجب أن تأتي المعالجة من خلال اتباع الشفافية الكاملة في تشخيص المشكلة ودوافعها من جهة، وإشراك جميع مكونات المجتمع في حلها من جهة أخرى. ويبقى الأهم اليوم هو معاقبة الجهات المحرّضة من رموز المعارضة السياسية اليوم، من الذين يتّبعون لغة تحريضية، ويمارسون أسلوب صب الزيت على النار، وتشجيع تلك الفئة المراهقة على التمرد المدني، وهو أسوأ ما يمكن أن يصل إليه شخص يضع نفسه في موقع المسؤولية ويتبنى العمل الإصلاحي ولكن بمنهجيّة تخريبية!
وهنا لابد أن نستحسن الموقف المسؤول للحركة الدستورية الإسلامية (حدس)، التي أعلنت براءتها من تلك السلوكيات الشاذة، واستنكرت على لسان بعض قادتها وكتّابها ورموزها تلك الأفعال المشينة، لتنأى بجبهة المعارضة السياسية الحقّة والعمل الإصلاحي السامي عنها. نعم نختلف مع «حدس» في بعض المواقف السياسية وآليات تحقيق الإصلاح في البلاد، وندين الكثير من تصريحات بعض رموزها الفئوية والطائفية وغير ذلك، ولكن لا يمكن إلاّ أن نحترم موقفها الأخير من المسيرات الليلية غير المرخصة التي بالتأكيد سيكون لها مردود إيجابي على المناخ العام في البلاد.
نعم.. نثني على موقف النائب السابق فلاح الصواغ أثناء مواجهته لمسلم البراك في إحدى الاجتماعات التنسيقية الأخيرة لنواب أغلبية المجلس المبطل، ونشيد برفضه أن تنسب تلك السلوكيات الشاذة للمعارضة، ناهيك عن تشجيعها أصلاً. ونثني أيضاً على موقف النائب الأسبق مبارك الدويلة الذي رفض المسيرات الليليّة غير المرخصة وطالب بإيقافها فوراً. ونثني كذلك على الكاتب نصار الخالدي الذي عالج الظاهرة بطريقة عاقلة وحكيمة في مقال له نشر بصحيفة «الكويتية» أول من أمس. ولابد هنا أن تبادر القوى السياسية والرموز المنتمية لمعسكر الموالاة إلى رد الجميل بتصريحات عاقلة توازي موقف «حدس»، فكلنا أبناء هذا البلد ولا غنى لأحدنا عن الآخرين.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق