استجواب كشف التسلل

استجواب النائب صالح عاشور المقدم لرئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك لم يكن مفاجئاً، فعاشور لمح أكثر من مرة إلى أنه عازم على مساءلة رئيس الوزراء. لكن السؤال هل الاستجواب فعلاً موجه لجابر المبارك، أم إن جابر المبارك مجرد عنوان لهذا الاستجواب، وإن هذا الاستجواب في حقيقته موجه لجهة أخرى؟ حسب وجهة نظري فإن الاستجواب موجه بالدرجة الأولى لكتلة الأغلبية، وهو يهدف لإحراجها من خلال تبني قضيتي الإيداعات والتحويلات اللتين كانتا من الأسباب الرئيسية لحل مجلس الأمة السابق. لسان حال النائب صالح عاشور يقول ألم ترفضوا تشكيل لجنة تحقيق في الموضوعين في المجلس السابق وكنتم تصرون على استجواب ناصر المحمد في جلسة علنية، فهأنذا أتقدم بالاستجواب الذي كنتم تطالبون به، فكيف سيكون موقفكم منه؟
موقف نواب الأغلبية -في معظمهم- من الاستجواب كان ذكياً وهو الموقف الذي عبر عنه مسلم البراك بالقبول بالاستجواب كحق مطلق للنائب ورفض إحالته للدستورية أو اللجنة التشريعية أو مناقشته في جلسة سرية، وبالتالي نجحت كتلة الأغلبية في الاختبار الأول وهو استيعاب الصدمة الأولى.
هناك جانب آخر يهم النائب صالح عاشور في تقديمه لهذا الاستجواب بخصوص بند الإيداعات بالذات لأنه كان شخصياً من ضمن المتهمين فيه، وهو بهذا الاستجواب يقول: إنني ليس لدي ما أخفيه أو أخشاه، بل بالعكس أنا من يريد كشف الحقائق. أما بقية محاور الاستجواب المتعلقة بالبدون وخطة عمل الحكومة فهي محاور مستعارة من استجواب عبيد الوسمي، ويقصد بها تقوية الاستجواب من جهة ومحاولة إحراج إضافية لكتلة الأغلبية من جهة أخرى. ولكن إذا كان عاشور يهدف إلى إحراج الأغلبية وبيان عدم مصداقيتها فإنه لن يسلم من هذا الاتهام أيضاً لأنه سبق أن عارض توجيه هذا الاستجواب لرئيس الحكومة السابق واعتبره استجوابا غير دستوري وأن محاور الاستجواب يجب أن توجه لوزيري المالية والخارجية.
كون استجواب عاشور موجها لكتلة الأغلبية فهذا لا يعني أنه لا يحرج الحكومة وجابر المبارك بالتحديد، وخاصة إذا ما نوقش في جلسة علنية لمعرفة الجميع بالقدرات الكلامية المحدودة لرئيس الوزراء، وأيضاً ما يمكن أن يسببه كشف بعض الحقائق أثناء مناقشة الاستجواب من إحراج له في ما يخص علاقة الشيخ ناصر المحمد بالإيداعات والتحويلات، وما قد يلحق به
من تجريح شخصي.
إذا كان لنا أن نضع عنوانا لاستجواب صالح عاشور فيمكن القول إنه استجواب كشف التسلل، وهدفه كشف مواقف الأغلبية وإظهار التناقضات في ما بينها، وهو أيضاً يهدف لكشف ضعف الحكومة أمام الأغلبية ووضعها على المحك. ربما يتوقع الكثيرون أن استجواب عاشور ولد ميتاً لوجود أغلبية برلمانية ضده، ولكن الحال ليست كذلك، فهناك أمور كثيرة قد تحدث يمكن أن تغير هذه الحسابات لأن حسابات الحقل ليست مثل حسابات البيدر.
خلاصة: مؤزمو الأمس انبطاحيو اليوم، وانبطاحيو الأمس مؤزمو اليوم.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.