لنأخذ الأمور بتسلسلها المنطقي بحثا عن الصالح العام، فواضح وضوح الشمس صحة مرسوم الصوت الواحد كونه قضية تقديرية وضعها الدستور بيد سمو الأمير وأعطى للمجلس المنتخب ان يرفض أو يقبل مراسيم الضرورة، وواضح كذلك ان صدور حكم بعدم دستورية مرسوم الصوت الواحد سيحد من سلطة وصلاحيات الأمير التي منحها الدستور له، ويشجع التطاول على مسند الإمارة ويعطي إشارة انتصار للقوى التي يتم تحريكها من الخارج ويدخل الكويت بنفق مظلم نهايته الوحيدة هو الفوضى العارمة.
***
ذلك الحكم ان صدر فلن يمنع ـ للعلم ـ التجمهر والتظاهر والفوضى التي لم تبدأ ـ للتذكير ـ مع مرسوم الضرورة الذي صدر أواخر شهر أكتوبر، بل ابتدأت قبل ذلك بأشهر عدة تخللها تعد على سلطات الأمير عبر المطالبة بالحكومة الشعبية وجعل الشيخ جابر المبارك آخر رؤساء الوزارات من ذرية مبارك، ومنع الوزراء من التصويت وجعل جلسات مجلس الأمة تعقد دون حضور الحكومة، كما أتى في بعض مقترحات الأغلبية في المجلس المنحل وإبان التجمعات والمسيرات التي لم تتوقف منذ العام الماضي.
***
وامتد التطاول من قبل المجاميع نفسها الى المحكمة الدستورية وقضاتها الأفاضل عبر طلب إعادة تشكيلها ومنعها من تفسير الدستور! وهو الأمر القائم في العالم أجمع، ومنعها كذلك النظر في الطعون وإسقاط عضوية النواب وحصره بالنواب أنفسهم (!) بمخالفة صريحة لما أتى في الدستور والمادة 173 منه، ومن التطاول المقترح المقدم بفتح باب الطعن المباشر أمام المحكمة الدستورية مما يعني إغراقها بمئات وآلاف القضايا الهامشية التي كانت ستشغل القضاة الأجلاء عن مهامهم الأصلية في وقت تمنع فيه الحكومة من اللجوء الى المحكمة الدستورية عند الاستجوابات وغيرها، مما يعني الطعن غير المباشر في نوايا المحكمة والذي يضاف الى الطعن المباشر السالف ذكره.
***
آخر محطة: (1) كل مطلب من المطالب السابقة التي تبنتها بعض القوى السياسية المقاطعة صاحبه التهديد والوعيد بالعصيان المدني، والمسيرات والمظاهرات تمت قبل صدور مرسوم الصوت الواحد مما يعني ان مطلب الفوضى والتدمير والتخريب لا علاقة له بصدور ذلك المرسوم.
(2) من حسنات مرسوم الصوت الواحد ان القوى المتجمهرة لم تعد تمثل إلا نفسها بينما لو سمح بالعودة لنظام الأصوات الأربعة لتجمهرت وتظاهرت مع الادعاء بأنها تمثل الأمة بفوزها بالكراسي الخضراء.
(3) تمنع المنظمات الحقوقية في العالم التغرير بالأطفال واستخدامهم في المظاهرات السياسية ومازلت أذكر ما قاله لي المرحوم فيصل الحسيني من انه لا أحد يعلم الكلفة الحقيقية لظاهرة أطفال الحجارة الفلسطينية، حيث كبروا وأصبح الكثير منهم عصاة وخارجين على القانون كونهم لم يتعودوا قط على النظام والالتزام والتعلم والدراسة، فهل هذا ما يراد لأبنائنا؟
samialnesf1@hotmail.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق