لا يمكن لأي من المراقبين للساحة السياسية تجاهل قراءة النائب السابق مبارك الدويلة في ندوته يوم الأحد الماضي للأوضاع السياسية الحالية، فقد تمكن من خلال عبارات قصيرة ومحددة تشريح ما يدور، بل وطرح حلول للخروج من المأزق السائد الذي هو بالفعل مأزق شارك في تجسيده بالإضافة إلى الحكومة ما يسمى بالأغلبية البرلمانية، ما يجعلها شريكا رئيسيا في تردي الوضع السياسي.
«عقلنة» الحراك السياسي كان مطلبا شعبيا منذ اليوم الأول، بعدما أبطلت المحكمة الدستورية مجلس 2012 استنادا إلى خطأ إجرائي قامت به حكومة مستقيلة، فيما كان المفترض أن ترفع خطابها عن عدم التعاون قبل استقالتها، لكن أجواء التأزيم غلبت على أجواء التريث والتعقل، وتحولت الساحة السياسية إلى ما يشبه السيرك وعروضه البهلوانية.
ربما تكون الأزمات الداخلية عند البعض سبب جر الأجواء إلى مثل تلك الحالة، لكن ذلك لا يعفي الآخرين داخل تلك الأغلبية من استخدام نفوذهم في «فرملة» مثل تلك الأجواء، ومحاولة استبدالها بأجواء أكثر عقلانية، فهناك حكم محكمة دستورية صدر وعلى الجميع الامتثال له واحترامه، والبحث عندها عن مخارج لتبعات ذلك الحكم، لكن كيال الاتهامات للمحكمة الدستورية، والتشكيك في مراميها وأهدافها دليل على عدم احترام المؤسسات الدستورية.
دون احترام الدستور ونصوصه لن يكون هناك معارضة حقيقية، ولن يكون هناك حكومة حقيقية أيضا، وينبغي أن يكون ذلك الشعار دائما في ضمير الجميع أمرا غير قابل للقسمة، وهو ما ظهر في تفاصيل حديث النائب السابق الدويلة عند إعلان احترامه لحكم المحكمة الدستورية في حال قالت عن مرسوم الصوت الواحد إنه مرسوم دستوري ليكون مدخلا للمشاركة في الانتخابات المقبلة.
ربما لا يكون إعلان النائب السابق الدويلة الأول على هذا الصعيد، فقد سبق أن أعلن التيار الوطني تبنيه لمثل هذا القرار في حال صدر حكم بالدستورية، لكن صدوره عن الدويلة يختلف باعتبار أن الحركة الدستورية الإسلامية جزء أصيل من الحراك السياسي الرافض لمرسوم الصوت الواحد، وربما تغييرها لموقفها الذي عبر عنه الدويلة مؤشر على عودة العقل للحراك السياسي انتظرناها طويلا.
إذا أعلنت بقية التكوينات السياسية الأخرى المنضوية تحت لواء الرفض لمرسوم الصوت الواحد موقفا شبيها لموقف النائب السابق مبارك الدويلة فربما نبدأ رحلة المعالجة الدستورية للأوضاع القائمة، بدلا من الخروج عن الإطار الدستوري من خلال تحركات لن تضيف شيئا للعمل الديمقراطي، ولن تضيف شيئا أيضا للرصيد الوطني من تراكم الخبرات على هذا الصعيد.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق