استشارة صاحب السمو لرئيس مجلس الامة السابق احمد السعدون هي استشارة بروتوكولية في تعيين رئيس مجلس الوزراء القادم. وهي تتم تلبية لتطبيقات المادة 56 من الدستور الذي يحرص بالطبع الرئيس السابق احمد السعدون قبل الجميع على تطبيقه واحترامه. كان المفروض بالرئيس السعدون تلبيتها والالتزام بها وأداء واجبه الدستوري بعرض آرائه وتصوراته السلبية تجاه الوضع او الايجابية التي قد توجد، وذلك بدلا من التعذر بالسفر.. وهو ما يلجأ له السيد السعدون كلما عقد العزم على التوجه خارج البلد، وهو يشبه التعذر بالوجود خارج قاعة المجلس او الاعتذار عن انتخابات الرئاسة المحسومة ترفعا منه عن تنصيب غرمائه او غريمه جاسم الخرافي رئيسا للمجلس، او التصويت العام الذي يخجل من المساهمة العلنية فيه الرئيس السابق.
من قراءة تاريخ الاستشارات يبدو انها في الغالب كانت ذات طابع بروتوكولي، وان الامير في النهاية يتخذ القرار الذي توفره له سلطاته الدستورية. لهذا كان على السعدون ان يذهب ويؤدي واجبه الدستوري تجاه الامة التي التزم شرعيا بالحفاظ على سيادتها. كان عليه ان يمارس حقه الدستوري وان يفي بالتزاماته الدستورية.
ان رئاسة مجلس الامة ليست ارثا او ملكية شخصية للرئيس بل هي واجبات والتزامات عامة عليه، رغم مواقفه ومصالحه الشخصية، تأديتها. المادة 56 من الدستور فرضت، لاحظ فرضت، ان تشكل الوزارة بعد المشاورات التقليدية. اي انها – المشاورات – ضرورة مطلقة لتشكيل الوزارة، وكان على رئيس مجلس الامة السابق ان يؤدي واجبه الدستوري ويحترم منطوق المادة السادسة والخمسين ويلتزم بتفسير المذكرة التفسيرية التي حددت رئيس مجلس الامة كأول شخص تفترض مشاورته.
من زمان ونحن نردد، السلطة منذ التحرير بالكاد انتهكت اي مادة دستورية او تجاوزتها، وان الذين استمرأوا هذا الانتهاك وهذا العبث المتواصل بالدستور هم جماعة «الا الدستور» انفسهم.. هروب، ولا اجد غير هذه الكلمة كوصف دقيق لعدم قيام الرئيس احمد السعدون بالوفاء بالتزاماته الدستورية، هو انتهاك وتجاهل للمادة 56 من الدستور.
***
الاعلام الطازة للمقاطعة مع الاعلام «الديموقراطي» ما زالوا طايحين له احتفالا وانتصارا بنجاح مقاطعتهم المشؤومة، عليهم بالطبع، لكن مع الاسف على الوطن ايضا. فهم لم يحرمونا من خبرتهم او طروحاتهم، فقد نالنا من هذا السوء الكثير، ولكن حرمونا مؤقتا من التوازن والصراع الديموقراطي المفترض بين الاطراف النيابية. المجلس الحالي يبدو ككتلة واحدة، صلبة لكنها «مملة» تفتقد الاثارة و«البهارات» النيابية المعتادة. لكن صبرا، لن يطول الامر حتى تعقد التحالفات وتفرز المواقف وتضطرب المصالح ويصبح لدينا مجلس حي نأمل الا يصل الى حيوية او بالاحرى نزقة المجالس السابقة.
الاعلام الطازة لا يزال يحتفل بانتصاره الوهمي. امس حددنا ان افضل طريقة لقياس نسبة المقاطعة الحقيقية هي الحصول على نتائج التصويت الفعلي لكل دائرة على حدة، الذي جرى في فبراير الماضي، حيث سيبدو عدد المشاركين في التصويت النهائي لكل دائرة. لم نحصل بعد على الرقم النهائي ولكن وكالة «كونا» بثت يوم الانتخاب في فبراير 2012 في الساعة السابعة مساء، اي قبل ساعة واحدة فقط من اغلاق باب الاقتراع، بثت نسب المشاركة النهائية في الدوائر الخمس. ورغم ان الاقتراع مستمر حتى الثامنة فاننا سنتخذ الساعة السابعة دليلا بعد اضافة واحد في المائة لمن تأخروا في التصويت. وواحد في المائة تتعدى على سبيل المثال 1200 ناخب في الدائرة الخامسة. هذه مغامرة، قد تكون نسبة الذين سيصوتون بعد السابعة اكثر من ذلك بكثير وقد تكون اقل، ولكن اعتقد واتمنى ان تكون عادلة.
الدائرة الاولى وفقا لــ«كونا» فان نسبة التصويت فيها بلغت بداية العام %61، فاذا اضفنا لها واحداً في المائة فانها ستكون %62. نسبة التصويت هذه الانتخابات في الدائرة الاولى بلغت %57.7، اي تقارب الثمانية والخمسين. يعني نسبة المقاطعة او الذين لم يصوتوا هذا العام وصوتوا العام الماضي هي %3 فقط. في الدائرة الثانية على حساب كونا صوت في فبراير %59، فاذا صيرناها ستين وخصمنا منها نسبة المقترعين قبل اسبوع فان نتيجة الذين تخلفوا عن الادلاء باصواتهم او قاطعوا هي 60 – 56، أي %4 فقط. الدائرة الثالثة، مع الاسف، سوف ترفع معنويات المقاطعين لان فيها مواقع الجماعات السياسية.. التنمية والعدالة، اذا كان هذا اسمهم، والمنبر والتحالف وفيها ايضا قطاعا كبيرا لقبيلة عتيبة المقاطعة وقسما آخر من بقية القبائل. «الثالثة» وصلت الى %76 الانتخابات السابقة، هذه الانتخابات تدنت الى 53، مع الواحد المضاف ستكون النتيجة %24 وهي حاصل طرح 77 – 53.
طبعا لو استمررنا، ودخلنا في نتائج «الرابعة» و«الخامسة»، راح ترتفع معنويات جماعة المقاطعة، لكن ليس الى الحد الذي تنقذهم من مستنقع الاسى الذي علقوا فيه. لهذا وامعانا في الاذلال سأتوقف هنا، واذا يحبون يونسون انفسهم فليبحثوا عن النتائج في «كونا» او في مصدر آخر. والى ان يفعلوا نذكرهم بان مقاطعة الدائرة الاولى %4، الثانية ايضا %4 والثالثة مع الاسف تمددت قليلا الى %24 أي 32 تقسيم ثلاثة من اجل المتوسط تطلع المقاطعة في الدوائر الثلاث الاولى %14. بس عشان كسرتوا خاطري مجمل المقاطعة بحساب الرابعة والخامسة فان نسبة مقاطعتكم لا تتعدى %21.
عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق