ما يجري في الكويت لا يسر أهلها الطيبين ولا محبيها وهم كثر، وإن كان يثلج صدور أعدائها، ذلك أن العناد والقمار السياسي والتصريحات غير المسؤولة وغير المعقولة، وكذلك الفجور بتفسير نتائج الانتخابات، جميعها أمور تثير القلق، وربما الهلع، في النفوس الطيبة، بيد ان التاريخ يطمئننا ويمسح بكف التحنان على الجباه المؤمنة كي تطمئن.
يحدثنا التاريخ فيقول لنا إن الكويت ابنة القلق، وتاريخ أسوارها الثلاثة يشي بمثل هذه الهواجس، ففي الأزمنة الماضية كانت الأنشطة البحرية من غوص وسفر تجاري وكذلك القوافل العابرة للصحراء تجذب الرجال الأشداء نحو الغياب ومغادرة البلاد، وقت كان ذلك الغياب القسري يشكل فرصة للغزاة فيزيد من احتمال تعرض الديرة والأرياف للغزوات، فكان القلق ملازما لجميع الكويتيين سواء من غادر منهم أو مكث مع الماكثين المرابطين.
رغم تلك الخشية المزمنة في الصدور على أمن الديرة وسلامة الأهل والناتجة عن قلة عدد السكان لم يمنع ذلك القلق الكويتيين من الكد وتسطير ملاحم الكفاح وجعل بلادهم من أهم الموانئ التجارية حتى أصبحت الكويت «سوبر ماركت» المنطقة يجد فيها أهل ذلك العصر كل حاجاتهم.
أخلص إلى ان القلق الدائم والمشروع أثمر في الوجدان الكويتي إصرارا على التفرد والتميز والنجاح حين أجاد الكويتيون العمل تحت ظلال القلق، فكانت القوافل وقتذاك تناطح رياح السموم، والسفائن تمخر عباب البحار البعيدة، وفي القصر كان، ولم يزل، حاكم يذود عن حياض بلاده.
www.salahsayer.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق