محمد الدلال: عرض مراسيم الضرورة على مجلس الأمة

أثار قيام المحامي صلاح الهاشم برفع دعوى قضائية بسقوط مراسيم الضرورة التي أصدرتها الحكومة المستقيلة، ومنها مرسوم الصوت الواحد، تأسيسا على عدم عرضها على مجلس الأمة، وفقا للمواعيد المحددة في الدستور ولائحة المجلس، لغطا وجدلا كبيرين. ونظرا لأهمية هذا الموضوع وأثره القانوني، وكذلك السياسي على الواقع القائم، فإننا نفيد بالآتي:
– ينظم إصدار مراسيم الضرورة، ومن ثم الموافقة عليها أو رفضها في مجلس الأمة أحكام نصوص المادة 71 من الدستور، والمواد من 111 إلى 114 من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة.
– تعد مراسيم الضرورة من الأمور التي تناولها القضاء الدستوري، والنقاش والاعتماد البرلماني، ومن ثم الإقرار والرفض في مجالس الأمة السابقة.. وعليه، فالأمر ليس مستجدا، وإنما توجد سوابق قضائية وبرلمانية تحكم آلية إصدار تلك المراسيم، ومن ثم عرضها على مجلس الأمة، واتخاذ القرار، بالموافقة أو الرفض.
– تتحدث المادة 71 من الدستور ومواد اللائحة الداخلية عن آلية عرض مراسيم الضرورة التي صدرت بعد حل مجلس الأمة (واقع الحال)، حيث تؤكد تلك المواد أنه يتطلب عرض تلك المراسيم على أول جلسة لمجلس الأمة، وحكمة المشرع الدستوري من العرض في أول جلسة يقصد بها سرعة البت في تلك المراسيم، حتى لا تكون بعيدة عن تقييم واعتماد السلطة التشريعية.. ومن جانب آخر، فإن العرض لا يعني بالضرورة التصويت في اليوم ذاته، بالموافقة أو الرفض، وهو الأمر الذي نص عليه في اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، وجرى عليه العمل في مجالس سابقة.
– وآلية العرض ثم الإقرار تمر بالخطوات التالية.. فابتداء ترسل الحكومة كتابا إلى مجلس الأمة قبل جلسة افتتاح المجلس، بعد انتخاب أعضائه، تطلب فيه إدراج المراسيم بضرورة على بند الرسائل الواردة في جدول أعمال المجلس، وفقا للمادة 71 من الدستور واللائحة الداخلية.
ومن المفترض أن يتسلم كل عضو في مجلس الأمة نسخة من جدول الأعمال، متضمنا هذا الإدراج وغيره. وفي جلسة الافتتاح الأولى يشير رئيس المجلس إلى رسالة الحكومة بشأن مراسيم الضرورة، كما يشير إلى أحكام المادة 112 من اللائحة الداخلية للمجلس، التي تنص على قيام رئيس مجلس الأمة بإحالة المراسيم بقوانين إلى اللجان المتخصصة، لإبداء الرأي فيها بصفة الاستعجال، ويكون لهذه المراسيم أولوية في تقارير اللجان المتخصصة، وفي الإدراج على جدول أعمال المجلس، وكذلك أولى جلساته. وبعد تقديم اللجان تقاريرها، الموافقة أو الرافضة لمراسيم الضرورة، تعرض على المجلس الذي، ووفقا للمادة 114من اللائحة الداخلية، إما يوافق عليها أو يرفضها.
– ووفقا لما وردنا من معلومات، وبغض النظر عن موقفنا المبدئي المتعلق بعدم شرعية مجلس الأمة الحالي (مجلس الصوت الواحد)، لكن الإجراءات تمت وفقا للائحة الداخلية، ولا توجد مخالفة إجرائية في هذا الشأن.. وعليه، فلا أتوقع أن هناك أساسا قانونيا قائما للدعوى القضائية المرفوعة من الأستاذ المحامي صلاح الهاشم، مع احترامنا لاجتهاده الخاص.
– تقع مسؤولية تاريخية ودستورية على جميع الأطراف التي تتناول مراسيم الضرورة، ابتداء من المحكمة الدستورية، التي تبحث الطعون في هذا الشأن، ومرورا بالسلطة التنفيذية، التي تجاوزت الدستور، بإصدارها تلك المراسيم، انتهاء بمن فاز بعضوية مجلس الأمة بناء على مرسوم الصوت الواحد، والذي يعد مخالفة دستورية صريحة لأحكام المادة 71 من الدستور، كما يعد مخالفة صريحة لنصوص أخرى من الدستور غيبت فيها السلطة التنفيذية أحكام المواد 6 و50 و51 و80 و81 من الدستور، وتجاوزت بها صلاحيات السلطة التشريعية في اعتماد قوانين الانتخابات، الأمر الذي يدعونا إلى قيام تلك السلطات برفض هذه المراسيم، لانتفاء حالة الضرورة، ولمخالفتها جملة من المواد الدستورية، ولرفض مبدأ قيام السلطة التنفيذية بتغيير قانون الانتخابات مستقبلا، وفقا لإرادتها المنفردة
أو لمصلحتها الخاصة، من دون مشاركة الشعب.
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.