الإيمان بقضية ما لا يعني الإيمان بأطرافها.
وإيماننا بضرورة تعديل العملية الانتخابية من خلال مرسوم الضرورة الذي رشد العملية الانتخابية وحددها بصوت واحد لكل ناخب، لا يعني إيماننا بأفرادها الذين أوصلتهم إلى مجلس الأمة أعضاء كاملي العضوية لتمثيل الأمة والنيابة عن الناس.
إيماننا بالمرسوم وحماسنا له والدفاع عن ضرورته وعدالته وتصدينا لمن حاول أن يقلب الحقائق ويتسلق حبال الكذب، لا يعني أن ننظر لكل الذين صاروا نوابا نتيجة هذا التعديل الضروري على أنهم الأمل المنشود والفرسان المحصنون بالفروسية والشجاعة والنبل، أو أنهم المنقذون الذين تعطلت القطارات وتكسرت عجلاتها حتى جاء أولئك الملهمون لتحريكها وتليين جوامدها.
وعلى الذين باتوا نوابا عن الأمة إثبات قدراتهم في مرحلة التحدي التي تعيشها البلاد الشاخصة بأبصار أهلها إليهم وعلى أنهم كفؤ للتحدي وقادرون على حمل المسؤوليات الثقيلة، وأنهم سيكونون تحت المجهر ولسوف تحصى عليهم لفتاتهم وسكناتهم وحتى سرائر أنفاسهم.
إن الناس الذين انتخبوهم وقلدوهم وشاح التمثيل من الدرجة الأولى، ما انتخبوهم إلا ثقة بأهليتهم لحمل ثقل الأمانة التي تبحث عن رقاب قوية قادرة على حملها وتحقيق الطموحات المأمولة، ولم ينتخبوهم للعلعة أصواتهم وكبر حجم حناجرهم وطول ألسنتهم وقذف الكلمات في أسماع الأبرياء، وحب التحدي والتملك والسيطرة والاستحواذ، مثلما كان يحدث في العهد الانتخابي المباد والمقبور بغير أسف عليه ولا دمعة واحدة على جسده المسجى بلا حراك.
وكذلك على الذين عارضوا صلاح المرسوم وقاطعوا الانتخابات، أن يريحوا خيلهم المتعبة أو يعقروها فيفعلوا بذلك خيرا كثيرا للبلاد وأهلها، وأن ينزعوا عنهم أردية المكابرة والتشفي وعدم تخليق وقائع زائفة.
وليس مقبولا بأي حال من الأحوال بل مرفوض ومستهجن قولهم الممجوج «بأننا سنعمل حتى نسترد مجلسنا»!
لا أظن هناك استهانة أكثر فجاعة من تلك المقولة الفاجعة!
فمن ملككم مجلس الأمة أيها السادة – ومن أعطاكم مفاتيحه وصير رقاب الأمة رهن سيوفكم، حتى تقولوا مثل ذلك القول الأرعن الذي لا يقول به حتى مجنون لا يرجى برؤه!
ثوبوا إلى رشدكم طوعا واعلموا أن الأوطان لا تملكها فئة دون غيرها!
وهذا الوطن ملك لنا جميعا وليس ضيعة ضائعة!
katebkom@gmail.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق