البلد مختطف… كلمة قيل فيها ما قيل من أفراد وجماعات لتوجيه الأنظار إلى أن البلد واقع تحت سيطرة التيارات الإسلامية المتشددة ومن يمثلها من أفراد في السلطة والقطاعات الحكومية والمجالس النيابية. الأوضاع الآن، وتحديداً في يوم مثل هذا، تؤكد ان لا أحد مختطف ولا يحزنون… كلمة مثل غيرها، فقاعة هوائية تصدرت الساحة المحلية لخدمة أهداف سياسية وانتهى أمرها.
نعم هناك توجيه أو توجه ما قد ترسمه الحكومة لخدمة مصالح ما في ظروف معينة سياسية أو أمنية قد لا تخدمنا كأفراد من الشارع العادي لا حول لنا ولا قوة، ولا نستطيع استيعاب أهميتها وسبب ممارستها ولا نتقبل نتائجها بالكامل، لكننا نجد أنفسنا مضطرين للتعامل مع مخرجاتها ولا أدل على ذلك من النتائج الأخيرة للانتخابات، لكننا لم نعد تحت قيد الاحتكار وهذه أفضلية على الأقل.
لقد مرت الكويت بظروف قاهرة في الماضي البعيد والقريب بنموذج احتكار غير مسبوق في تاريخها، احتكار أفراد للبلد ولا أقول تيارات، أفراد رسموا لأنفسهم هالة كاذبة من العظمة والغرور، تسلموا بضعف الشعب علامة الموافقة على استلام مقدرات من البلد وصاروا يتصدرون الشارع بتحديد أفراد تابعين في قطاعات الدولة وخصوصا الحكومية، فخضعت الحكومة وخضعنا بالمثل لهم درءاً للسلامة، وتردت الخدمات ولا أحد يحاسب ولم يعد يبالي ان حوسب أو حاسب! هل رأيتم «قط» من يخضع لعقد احتكار مفتوح درءاً للسلامة؟! نعم، نحن الشعب الكويتي خضعنا لذلك، وعلينا ألا ننكر أن هذا الضعف هو من أوقعنا في المأزق.
الآن ما مضى قد مضى، ولم يعد أحد قيد الاحتكار على الأقل نيابياً، لكن هذا لا يعني اننا أصبحنا أحراراً في كل قطاعات العمل والحياة، ولا أدل على ذلك مما يقال حول احتكار العمل التجاري في الكويت لعوائل معينة، وهو ادعاء ظالم أحياناً لتبرير الكسل وعدم الرغبة في العمل في حقل عليك أن تكرس حياتك وكل ما لديك من مال ووقت لإنجاحه، وإلا فإنك لا تستطيع الصمود فتخسر مالك ووقتك وقد ينتهي الأمر بك بالسجن ان لم تحسن إدارة أموالك. يهرب الكسالى إلى العمل الحكومي المضمون مادياً بلا تعب أو مجهود خارق.
الواقع الآن ان لا احتكار ولا محتكرين… السوق مفتوح لمن يريد، لكن عليه ان يتعاطى مع من أتاح لهم خضوعه وصمته وسكوته ان يتسيدوا الساحة ليضعوا بها أفرادا فاسدين من دون كفاءة ولم يفتح فمه قط ضد الفساد الإداري ولا تردي الخدمات في الدولة، وكان نشطاً في تطبيق المثل الشعبي «من صادها عشّا عياله»!! الآن نتجرع السم من مخلفات هؤلاء الأفراد – نواب سابقين – ومن سار في نهجهم والتابعين لهم في كل قطاعات الدولة تقريباً.
أعلم ان الاحتكار ليس حقاً، لكنه اختيار… وكما اختار الشعب ان يتم احتكاره لسنوات، جاءت الحكومة اخيراً لتفك الاحتكار بعد ان تخطى سقف المطالبات ما يطاق ويعقل وما لا يعقل ولا يطاق. حسنا فعلت، لكن علينا ألا نخرج من عقد احتكار إلى آخر بيع وشراء بالسذاجة واللامبالاة نفسهما.
الاختيار الآن هو أن نعي الصدمة والدرس ونستوعب ما مر بنا لنعرف كيف نواجه المستقبل، وان لا أحد احتكر أحداً، لا أفراد ولا نواب ولا جماعات ولا غيرهم. وليس بالإمكان ان نعرف اننا نجحنا أم لا في تخطي المأزق السابق ان لم تبدأ مطالبات حقيقية بالإصلاح الحقيقي الفعلي، بدءاً من النواب والوزراء أنفسهم كخطوة أولى، والا تمر محاسبة القياديين مرور الكرام بعد اليوم.
ان كان علينا أن نحتكر أمراً ما فهو أن نحتكر أولويات الوطن لكل الشعب، ولا أحد فوق القانون أو فوق الوطن.
شكرا..
منى علي الفزيع
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق