خبراء: تجاوز حجم الاستثمار العقاري في الكويت حاجز الـ 200 مليار دينار

تجاوز حجم سوق الاستثمار العقاري بالكويت بحسب آراء خبراء  ما يقارب من 200 مليار دينار ويزيد، تمثل 60 في المئة على أقل تقدير من حجم الأصول المدارة لدى الشركات النظيفة منها والمرهونة للمصارف ومؤسسات التمويل على ذمة قروض وأدوات دين وجهت فعلياً للمشروعات، لكنها في الوقت ذاته خضعت للأزمة ولم تحقق المردود لأسباب عدة أهمها انخفاض الهامش الربحي الذي تمنحه المصارف على الودائع بين 1.25 و1.5 في المئة، بصورة أدارت زاوية التصويب 360 درجة نحو العقار بمختلف فئاته وشرائحه لتحريك المال الراكد .

 وما يثير الجدل والمخاوف أكثر لدى صناع القطاع في السوق المحلي هو اتساع رقعة العلاقة الطردية بين قدرة التداولات العقارية على استيعاب المزيد من التحركات والمحاولات التي يجريها الوافدون الجدد بحثاً عن الربح الآمن بأقل مستوى ممكن من المخاطر منذ بداية العام الحالي وحتى الآن من جانب، ومن جانب آخر، قلة الفرص العقارية التي تقل يوماً تلو الآخر بسبب اختلال معادلة التوازن بين العرض والطلب، ما انعكس على الأسعار وأخرجها من دائرة المنطق، لتنافس الكويت بذلك قيم الطرح المعمول بها في الريفيرا وجبال الآلب السويسرية على حد وصفهم، لافتين إلى أن العقار «لم يعد الملاذ الآمن بالقدر الكافي كما كان في السابق»، وهو الأمر الذي قاد معظم الشركات بالأخص «المدرجة» منها لتلافي التباطؤ المحلي والتوجه إلى أسواق تقدم فرصا أكبر مشفوعة بمحفزات مغرية للاستثمار لا تتوفر محلياً لعدم وجود القوانين والتشريعات الكافية لتحديد آلية عمل واضحة لهذا الاستثمار المهم وكأنه يعمل بمفرده دون ضوابط .

 الحدود الآمنة

 وما كان يحدث بالأمس تظهر نتائجه اليوم رغم التحذيرات، وذلك بعد أن فتحت البنوك أبواب الاقتراض للشركات العقارية وغيرها بفعل الرواج الحاصل حتى النصف الأول من عام 2008 وعندما وقعت الواقعة في الربع الأخير تصور البعض أن العقار مازال في الحدود الآمنة حاله حال البنوك، إلا أن المراجعات أثبتت عكس ذلك تماماً من واقع عمليات الفحص والقياس التي تجريها دوائر التحليل العقاري المختصة فصلياً إذ أثبتت أن الحصة الغالبة من مشروعات الشركات تعمل في الخارج بعيداً عن السوق المحلي وأزماته، وان كانت قد استخدمت في ذلك رأس المال المحلي لتنمية أسواق الجوار تارة والأسواق العربية تارة أخرى وغيرهما في قالب ثالث بينما السوق الممول جافاً يعاني ندرة الفرص .

 من هذا الجانب، أوضح الخبير والمثمن العقاري المعتمد محمد جعفر الحيدري أن الشركات التي تعمل في الاستثمار العقاري وبالأخص حديثة العهد منها وقعت في كمين غير محسوب باندفعها على شراء عقارات غير مدرة للربح لمجرد أن سعرها مناسب ومغر في العديد من دول «التعاون» وكذلك بعض الأسواق العربية وبعض فترة لا تزيد عن 6 أشهر بدأت الأزمة المالية في الدخول على خط السوق بخلفية لم يستوعبها البعض تتعلق بمشكلة الرهونات العقارية الأميركية بداية 2009، ما أدى لإدراج هذه العقارات ضمن أصول الشركات المالكة في توقيت أظهر ضعفها وعدم جدواها لدرجة أن بعض الاستثمارات لم تغط كلفتها ومصاريفها الإدارية .

 وأضاف الحيدري أن انتشار الاستثمارات العقارية الكويتية في أسواق تحمل نظرة نوعية في كثرة المعروض وتنوع أسعاره مثل السوقين الإماراتي والعماني كانت السمة السائدة لفترة طويلة قبل الأزمة بعامين وخلال الفترة بين 2006 و2007 لغاية الربع الثالث من عام 2008 وحينها وقعت الواقعة ولجأ الجميع للانكماش بسبب عمليات الاقتراض المفتوحة التي قامت بها شركات الاستثمار ونظيرتها العقارية مع الفارق في التعاطي، مشيراً إلى أن العقار الرخيص بدلاً من أن يكون دعامة تقوي كونسورتيوم الأصول الخاصة بالشركات أصبح العكس على وقع الأزمة لدرجة أن محاولات التخلص منه بالبيع فشلت نظراً لانخفاض عائده بسبب عدم دراسة الجدوى الجيدة وحساب المخاطر بطريقة عشوائية لم تراع متغيرات السوق.

 تمويل الشركات

 كما بين الحيدري أن البنوك تعاملت مع تمويل الشركات بشكل نسبي خصوصاً بعد 2008، حيث أصبحت عمليات فحص الجدوى ودراسة عوائد النشاط المطلوب تمويله شرطاً أساسياً قبل التأشير بالموافقة من عدمه، وهو جانب نسبي يتسم بمعايير انتقائية كان يجب تطبيقها في حالتي الفورة والركود بمسافة واحدة، مشيراً أن عملية الفترة المطبقة فيما يخص التمويلات العقارية كانت أمراً طبيعياً ومردوداً وقائياً وضع النقاط على الحروف ومنع توغل الشركات مع المصارف نفسها في أزمات أكبر وأعمق بصورة كشفت المتضرر الذي لا يملك مقومات ووسائل السداد بشكل منتظم وتم استبعاده، مقابل الابقاء على شريحة المتعاملين القادرين على التعاطي مع ظروف السوق في ظل الانكماش بطريقة آمنة ولم تخرج البنوك معهم عن دورها ومازالت تقوم بتمويلهم .

 السيولة الكافية

 وركز الحيدري على أن عمليات الانتشار والتوسع على قاعدة العقارات الرخيصة ساعد لحد كبير في استشراء أزمة أخطر تمكن في انخفاض أسعار الأصول العقارية وغيرها كأداة للضمان وهو الأمر الذي قلل حظوظ السيولة الكافية لاستعادة النشاط والفورة في قطاعات الاستثمار المباشرة ومن بينها العقار، وكذلك غير المباشرة على رأسها البورصة والصناديق والمحافظ وغيرهم، لافتاً إلى أن هناك نموذجا قادما من العقار يفرض نفسه من خلال شريحة «التجاري» الذي يعيش أسوأ فترة في أدائه بسبب كثرة العرض وقلة الطلب وارتفاع قيمته الايجارية بحساب المتر الواحد في صورة سيئة جعلته أكبر المتضررين بين شرائح الاستثمار المختلفة داخل القطاع في السوق المحلي.

 وأكد الحيدري أن شريحة العقار الاستثماري لامست نوع من التعافي في الفترة الأخيرة، بعد أن تحركت البنوك باجراء تخفيضات متتالية على عائد الودائع من 7 في المئة إلى 1.5 في المئة خلال السنوات القليلة الماضية، وبالتالي لم تعد أساليب التحوط على الأزمة وضغوطها بتخزين الأموال في المصارف والاستفادة من عائدها حلاً فعالاً يحقق الفارق الشاسع بين عائد الوديعة وعائد الاستثمار، الأمر الذي دفع الشركات والمستثمرين الأفراد لتوجيه الدفة من البنوك إلى العقار في تحرك أصاب القطاع بحالة ازدحام كبيرة تفوق حجم المعروض بمراحل، وان كان العقار «الاستثماري» قد أصاب الاتجاه السليم وحقق نتائج جيدة وأمامه مجال للوصول إلى معدلات نمو أكبر باعتباره أكثر الأوعية من حيث الجدوى الآن .

 وحول الخسائر التي منيت بها تدوالات العقار «التجاري »، بين الحيدري أن هذه الشريحة من الاستثمارات أصيبت بأضرار كبيرة بما يشبه العلاقة العكسية مع أداء العقار الاستثماري، مبيناً أن أبسط هذه التأثيرات ظهر في انخفاض القمية الايجارية للمتر «التجاري» من 10 دنانير للمتر إلى 6 دنانير فقط، في الوقت الذي لم تحظ بدفعات سيولة قوية من البنوك مثلما حدث مع «الاستثماري «و«الصناعي» .

 السعر العادل

 وفيما يتعلق بالارتفاع المضطرد على جميع أنواع العقار خلال الآونة الأخيرة من حيث السعر، أوضح الحيدري أن رفع قيم الشراء والتأجير لمستويات غير مسبوقة حجم العمليات العقارية القائمة في السوق نوعاً ما، وهو أمر طبيعي يحدث عندما يقل العرض ويرتفع الطلب فيصعد السعر، مشيراً إلى أن العقار لا يعرف في تعاملاته صيغة تطبيقيه لمصطلح «السعر العادل» والمسألة محكومة بآليات الكم المعروض والشرائح التي ينتمي إليها ومعدلات الإقبال، موضحاً في زاوية مقابلة أن العقار «الاستثماري» رغم فورته وجدوى الإقبال عليه بالأخص في الفترة الأخيرة أصيب بنفس المشكلة التي وقع فيها نظيره «التجاري» حيث انخفض عائد المتر الاستثماري من معدل يتراوح بين 10 و11 في المئة ليصل اليوم إلى 6 في المئة فقط لاغير تبدو من كل الوجوه أفضل من إدارة المال في صيغة ودائع تودع في المصارف عائدها لا يتجاوز 1.25 في المئة.

 وأفاد الحيدري أن العقار سيظل أسير العلاقة العكسية بين العرض والطلب وهي في هذه الفترة ووفقاً لتلك المعادلة غير متزنة تماماً بسبب حجم الاقبال العالي على الاستثمار العقاري، وذلك كنتيجة طبيعية جاءت بسبب عجز البنوك عن زيادة عائد الودائع مما سيلقي على عاتق العقار المزيد من المستثمرين في ظل فرص محدودة للغاية ولها مفاتيح معينة لا يملكها سوى أصحاب الخبرة والدراية داخل القطاع .

 من جهته أوضح الخبير والمثمن العقاري لؤي محمد القطامي أن الشروط الائتمانية الخاصة بتمويل العقار تخطت النسب المسموحة بمؤشرات ملفته وتميل للخطورة في حالات كثيرة، منها على سبيل المثال لا الحصر وجود شركات تعمل في حصة من نشاطها التشغيلي بالعقار واستثماراته لكنها في الوقت ذاته تعتمد على القروض في التوسع والانتشار بنسبة بلغت في بعض الحالات 9 أضعاف رأسمالها، مما يؤكد أن التوسع في التمويل لم يراع مخاطر الركود وهي نقطة جوهرية وقع فيها العقار بجزء بسيط مقارنة بقطاعات أخرى مشاكلها أكبر وتجاوز حد «الكوارث».

 سيولة كويتية

 وشدد القطامي على أن أغلب الشركات العقارية وجهت محفظة أعمالها لأسواق خارجية سواء كانت خليجية أو عربية وكذلك بعض التعاملات الانتقائية تخص «الكبار» في أوروبا والولايات المتحدة وغيرهما، علماً بأن رؤوس الأموال التي استخدمتها هذه الشركات في تمويل توسعاتها هي سيولة كويتية من حيث الأصل، وان كانت هذه الأسواق بنظرة عادلة تحمل فرصاً وحوافز استثمار كبيرة بالإضافة إلى التنوع في المساحات وتخصصها وشرائح العوائد بجانب قائمة طويلة لا حصر لها تحمل مغريات لأي مستثمر، مبيناً ن هذا التحرك أصبح محدود بنسبة كبيرة خلال هذه الفترة بسبب الأزمة وقلة السيولة وعدم قدرة الشركات التي لديها حيز من الملكيات العقارية الخارجية على التصرف فيما لديها بسبب انخفاض القيمة على مستوى «التعاون» والمنطقة بأكملها، ما دفع بعض المستثمرين الأفراد للاكتراس بالعقار الداخلي وأدى هذا بطبيعة الحاصل إلى ازدحام وتزاحم على عدد قليل من العمليات .

 النموذج السعودي

 ولفت القطامي إلى وجود تحولات غريبة تحدث في سوق العقار حالياً لابد من الإشارة لها بمكان، حيث أن قطاع كبير من المتعاملين في القطاع الاستثماري بدأوا في التحول إلى «السكني» لاستغلال محفزات دخول القطاع الخاص على هذه الشريحة بعد صدور مرسوم بقانون في هذا الخصوص وان كانت هناك تساؤلات تحوم حول عملية التطبيق دون حدوث تأثيرات أو اهتزازات في الشرائح العقارية الأخرى في مقدمتها «الاستثماري «و«التجاري» على وجه الخصوص، مبيناً أن الغريب في تعاطي الجانب الحكومي مع الاستثمار العقاري المحلي هو التغاضي عن النجاح المذهل الذي حدث بسوق العقار في المملكة العربية السعودية نتيجة التوسع وإنشاء مدن بأكملها جعلت شركات العقار السعودية في أوج تألقها وهي في الأصل تحظى بعناية فائقة من الدولة من حيث الامتيازات وكذلك من البنوك فيما يتعلق بالتمويل، في الوقت الذي تعاني فيه الكويت من شح الأراضي الجديدة ولا أحد يعلن الدوافع التي تقف وراء هذا البطىء.

 وعن توقف عجلة صناعة الأبراج التي كانت أبرز سمات سوق العقار منذ بداية النصف الأول لعام 2011 الماضي، أشار القطامي إلى أن هناك تأويلات عديدة تناولت هذا الجانب إلا ن أقربها يكمن في انخفاض معدل الطلب على تأجير المساحات المستثمرة في الأبراج التي يتم تشييدها وبعضها توقف كما هو معلوم، وفي مقابل ذلك هبط العائد الايجاري لها لأقل من النصف في ظرف عامين ماضيين وأصبحت غير مربحة، لافتاً إلى أن هناك أزمة تمويل واجهتها بعض الشركات في عملية انهاء مشاريعها من الأبراج والمجمعات جعلتها عاجزة عن استكمال وأدى ذلك بالتبعية لتأخر تشغيل المشروعات عن موعدها المقرر في الجدوى وبالتالي ربما تجد صعوبة في تحقيق العائد الذي يغطي الكلفة ويفيض بمردود يحقق لها الربحية المتوقعة .

 أوشك على التآكل

 وتساءل القطامي عن سبب التحوط على تخصيص أراض جديدة مدعمة بالبنية التحتية اللازمة على مدار العشر سنوات الماضية، مشيراً إلى أن الجهات المعنية لم تراع جفاف الفرص العقارية في السوق حتى أوشك على التآكل، علماً بأن حل هذه المشكلة لم يتم إلا بطرح قطع جديدة لفئات السكني والصناعي والاستثماري والتجاري في وقت واحد دون تأخير، مشيراً إلى أن وجود 100 ألف طلب سكني على قائمة الانتظار تعادل بالنسبة والتناسب 50 في المئة من المواطنين ليس لديهم سكن خاص وهو أمر مثير للجدل في بلد لا تعاني أزمة سيولة أو موارد كما يحدث في دول ليس لديها فوائض تغطي هذا البند وتضطر للتعامل بحلول التجزئة .

 400 متر سكني بمليون دولار

 أوضح الخبير العقاري لؤي القطامي أن أسعار العقار كسرت حد قواعد التعامل العالمية بين الكويت وما يقبلها من أسواق منها السوق العقارية الأميركية، مشيراً إلى ان سعر 400 متر سكني ببعض المناطق بعد البناء والتشييد الآن في التعاملات المحلية بلغ معدل يتجاوز المليون دولار في سابقة جديدة وغريبة من نوعها، في الوقت الذي توجد فيه منازل بمساحات صغيرة في منطقة بيفرلي هيلز الأميركية تساوي نفس القيمة بأسعار بعد أزمة 2008 .

 وبيّن القطامي أن مساحة الـ 400 متر ليست هي النموذج المثالي فيما يخص السكن الخاص بالسوق المحلي، حيث أن المؤشرات الفعلية تؤكد وجود قطع بمساحات أكبر واسعار أكثر، مشيراً إلى أن هذا المعادلة تمثل خلل واضح في تسعير العقار بصورة ستدفع المستثمرين لتكريس أنشطة الاستثمار الخارجي كبديل عن السوق المحلي .

 وأوضح القطامي أن دولة الإمارات تطرح أراض في الوقت الحالي بمساحات جدية ومخدومة بالبنية التحتية بأسعار تتراوح بين 30و40 ألف دينار كويتي في جميع الشرائح سواء السكني أو الاستثماري، ما ساهم في زيادة معدلات التطوير العقاري داخل السوق الإماراتية وتجاوزها لنظيرتها الكويتية بعد أن كانت المعدلات منذ فترة قريبة تشير للعكس.

 سحب المشروعات من الخارج إلى الداخل

 في طرح خاص يعزز مقومات السوق العقارية ويخفف الضغط على تعاملاتها في ظل ندرة الفرص، بين الخبراء أن سحب المشروعات التي اقامتها الشركات العقارية في اسواق بالخارج أو حتى جزء منها أمر يشبه المستحيل ولا يضع أي اعتبارات لفارق القوة الشرائية وهبوط اسعار الاصول التي ستكون معرضة للحرق بأقل القيم إذا ما شرعت الشركات المالكة في هذا التوجه لتغطية التزاماتها تجاه البنوك والغير بسيولة إضافية .

 وأشاروا إلى أن الخطوة منذ بدايتها عام 2007 كانت خاطئة وتم التنبيه من خطورتها وتأثيرها على السوق العقاري المحلي غير أن الجميع اتجه لبريق الربح وشراء العقارات بقيم منخفضة للغاية على أمل أنها ستُدور نفسها وترتفع، غير أن ذلك لم يحدث بسبب قلة عروض الشراء وشح السيولة اللازمة لتغطيتها، مبينين أنه لم يعد في السوق العقاري المحلي سوى عمليات التطوير وهي آخر كارت يمكن استخدامه في ظل المعطيات الاقتصادية الحالية .

المصدر “النهار”

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.