بطعنة غادرة من سكين شاب طائش في احد المجمعات التجارية المكتظة بالناس وامام الجميع.. ازهقت روح شاب في مقتبل عمره.. تنتظره امه التي لا ترجو الا الله وهذا الولد… وشاهد كل من كان قريبا من المكان دماءه وهي تعلن وفاته … ما هو السبب؟ طيش واستخفاف بارواح الناس.. وعدم الخوف من القانون… والا فماالذي يجعل القاتل يدخل المجمع حاملاً سكينه ويلحق بالشاب ليطعنه امام كل الجموع المكتظة بالمجمع في عطلة نهاية الاسبوع؟
بغض النظر عما إذا كان قاتله كويتيا او غير كويتي… فالدافع يحمل في مضمونه ازمة دخل فيها المجتمع الكويتي حين تاه الشباب واستهزأ بالاخلاقيات ورفس القانون وأشاح بوجهه عن كل ما يمت للمسموح به وغير المسموح.. واختلط عنده الامر… فأيقن ان حقه، مهما كانت درجة صحته، لا يأتيه إلا بيديه.
من يعوض هذه الام ابنها وطلة وجهه عليها كل صباح؟ من يبرد نيرانا استعرت في قلبها عندما أُبلغت بتلك الميتة البشعة التي ماتها ابنها؟.. من يمكن ان يقنعها ان فلذة كبدها مات بسبب شجار طائش او تدخل لفض شجار طائش؟ هناك من يرى ان الحل في إحكام التفتيش عند مداخل المجمعات التجارية ليمنع دخول كل الآلات الحادة.. وهناك من نادى بمنع دخول الشباب لهذه الاماكن.. وهناك من ألقى اللوم على وزارة الداخلية، وبعضهم قال ان اللوم على وزارة التربية التي تغرس اخلاقيات التعامل عند الشباب.. وهناك من القى اللوم كله على الاسرة.. وآخرون قالوا بل البيئة هي التي تشكل عجينة الطفل وتحدد اخلاقه مستقبلا.
كلهم قاربوا الحقيقة.. ولكن لا بد من البحث وبشكل جدي عن كل العوامل التي تحول شابا في مقتبل عمره في لحظة سريعة الى مجرم ومع سبق الاصرار والترصد… وامام عشرات الشهود، دون ان يفكر لحظة واحدة بأنه سيدفع الثمن غاليا من سنوات عمره.
الطيش كلمة تحمل بداخلها عشرات المعاني… وكلها تحتاج من المتخصصين الى الوقوف عندها والتعمق في اسبابها وكيفية علاجها.
اكثر من عشرين طفلا في اميركا قتلوا بلحظة طيش انتابت القاتل الذي فتح النار عليهم وعلى مدرساتهم، وتحولت المدرسة الى مقبرة جماعية.. فذهب الاطفال وبقي هو ينتظر مصيره… كما هي الحال عندنا عندما قتل الشاب في المجمع التجاري وبقي القاتل ينتظر مصيره.
هذا الشاب، الذي تحدى مجتمعه من كل النواحي واقدم على جريمته في مشهد واضح جدا للعيان، لا شك في انه انسان غير سوي.. ولو بحثنا في الاسباب لوجدناها في ثنايا البيئة او الاسرة، ولا شيء غيرهما.
لا بد من الجهات المسؤولة في لحظة البدء بكيفية القصاص من القاتل.. البحث ايضا في كيفية حماية مرتادي الاماكن العامة من تهور وطيش كثيرين مثل هذا القاتل الذين يتنقلون بيننا وفي داخلهم بركان يعلم الله متى ينفجر ولأي سبب تافه فيلقي حممه القاتلة حوله.. دون ان يفرق بين رجل او امرأة، طفل او طفلة.. شاب او شابة.
لا نملك الا ان نعزي والدة الشاب القتيل ونقول لها: عظم الله اجرك… وانتظار حكم القضاء الذي مهما بلغ فلن يشفي غليل تلك الام وابيه.
إقبال الأحمد
Iqbalalahmed0@yahoo.com
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق