كبرت وترعرت في منطقة شرق بالعاصمة التي كانت تعتبر شيكاغو الكويت ولم أشهد للمعلومة «هوشة» واحدة على معطى طائفي أو فئوي بل كان الحي بجميع مكوناته يتعارك مع أبناء الحي الثاني بجميع مكوناتهم، ولم ينتج عن الهوشات اليومية آنذاك قتيل واحد اذ كانت العقول والأخلاق والخوف من السلطة والشرطة تمنع حدوث ذلك.
***
لدي معرفة غير مباشرة بأسرة المأسوف على شبابه د.جابر يوسف وأعلم مدى عناية والديه الكريمين به، حيث أحسنا تربيته حتى كبر وأصبح طبيبا، فهل يعقل ان تفقد الكويت ابنا عزيزا ولد على هذه الأرض الطيبة ودرس في مدارسها بسبب خلاف تافه على مواقف السيارات؟! وكيف للأسر الكويتية والمقيمة ان تأمن على فلذات أكبادها وقد أصبح القتل يقوم على معطى خزة عين أو طقة هرن؟!
***
ولا يمكن فصل أسباب تلك الجريمة عن أمرين مهمين، أولهما الاحكام المتهاودة التي لا نشهد لها مثيلا في البلدان الأخرى، فحكم المحكمة الابتدائية على قاتل بالإعدام لا يستبدل فيما بعد بالمؤبد، بل بالبراءة دون محاسبة، اما من حكم على البريء بالإعدام كما أتى في الحكم الأول، أو من اطلق سراح قاتل على الناس كما أتى في الحكم التالي والأمران لا يدعوان للارتياح ويظهران ان هناك خللا في عملية التفتيش القضائي الذي نرجو ان يفعّل على يد مسؤوله الجديد المعروف بالجد والحزم.
***
وقضية مهمة أخرى وهي الربط المنطقي بين هذا التساهل في التعدي على الآخرين وما كانت تشهده منطقة القاتل من تظاهر غير قانوني وتعد على رجال الأمن، ان أمن الأوطان لا يقوم على «القوة» فقط بل قبلها على «الهيبة» والتي متى ما كسرت تفشى القتل والخراب والدمار، ومن هذا تحذيرنا القوي لبعض التوجهات السياسية من تشجيع الصغار على الفوضى والتعدي على الشرطة، فلن ينتج عن ذلك الفعل الخاطئ إلا التحول التدريجي الى منهاجية الميليشيات الشبابية المتناحرة التي تحرق الأخضر واليابس في طريقها.
***
آخر محطة:
(1) يجب ان يتم بناء عشرات السجون كي لا يتم إطلاق سراح المذنبين بحجة اكتظاظ الزنازين، ولنأخذ بما عمله مدير شرطة نيويورك الذي حولها من أخطر الولايات الى أكثرها أمنا عبر تفعيل مبادئ الشدة وعدم المغفرة والحزم الشديد مع الصغار قبل الكبار حتى لا يتحولوا من مشاغبين إلى عتاة المجرمين!
(2) نرجو ان يكون الحكم على قاتل الدكتور البريء متوافقا مع حجم الجرم، ولا شيء أقل من ذلك!
samialnesf1@hotmail.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق