إبراهيم العوضي: بأي ذنب قُتل

تابعت كما تابع غيري جريمة مجمع الأفنيوز البشعة التي راح ضحيتها شاب في مقتبل العمر أمام رواد المجمع من دون أي رادع أو مانع. شخصيا مع ألمي الشديد لحال أسرة المغدور به، لم أستنكر ما حدث، فكل المقدمات كانت مهيأة لمثل هذه الجريمة أو غيرها لأن تحدث.
كيف لا، وقد انتشرت ثقافة العنف والضرب والشتم بين أبناء المجتمع ولم نجد ما يردعها. تكسير، حرق، تخريب، اقتحام، تدمير، ضرب، مشاجرات شبه يومية على أسباب تافهة ومضحكة من دون أن يقابلها تصرف حازم وقانون صارم يوقفها ويحد من انتشارها.
كم حادثة وقعت وكم من مشكلة انفجرت وكم من ضحية لأفعال لا يقبلها أي عاقل تمت من دون أن تعالج تلك الحوادث أمنيا وجنائيا، فينام الجاني قرير العين ويعاني المجني عليه بسبب غياب القانون.
كيف لا، وكل قضية لا يعاقب مرتكبها ولا يحاسب إلا إذا أصبحت قضية رأي عام ومارس الشارع ضغوطاته لمحاسبة الجاني وما قضية المرحوم الميموني إلا خير دليل على ذلك. فنحن نعيش في زمن كان لابد من الحكومة أن تفرض فيها أمنها بقوة قوانينها وحزمها في تطبيقها لتلك القوانين إلا أنها تخلت عن كل ذلك فقلت حيلتها وهوانها أمام المتنفذين.
كيف لا، والواسطة تتدخل في حماية سراق المال العام وآكلي السحت والمجرمين ومنتهكي القانون والقتلة وغيرهم فهيأت بتلك البيئة كافة المسببات لوقوع مثل تلك الجرائم. صفحات الجرائد اليومية امتلأت عن آخرها بمثل تلك الجرائم وباتت نعمة الأمن والأمان التي نتغنى بها هاجسا يؤرقنا كل يوم بعد أن أضحت شريعة الغاب هي الأصل في حل كافة إشكالاتنا.
الحل سهل جدا، لو كانت الحكومة صارمة في تطبيق القانون على الجميع من دون استثناء لما وصلنا لهذا الحال. ولو كانت الدولة جادة في اهتمامها بفئة الشباب من خلال تأصيل قيم الدين الإسلامي وخلق مراكز تثقيفية وتشجيعهم على الالتحاق في الأندية الرياضية والمراكز الشبابية وفي نشر مناهج دراسية تبين مضار الجريمة وأبعادها وسلبياتها ومساوئها لما وصلنا لهذه الحال.
لو استطاعت الدولة فرض هيبة رجل الأمن الضائعة وإعطائه صلاحيات رادعة ضمن الأطر القانونية لما تجرأ البعض على انتهاك القوانين ضاربين عرض الحائط بها. لو كانت الدولة جادة في كبح جرائم المجمعات التجارية المتكررة لأنشأت مراكز شرطة ثابتة في كافة المجمعات التجارية وعززت أمنها من خلال نشر كاميرات المراقبة ومواقع التفتيش المتنقلة.
ستتكرر كلمة لو ولكن ماذا ستفيد الآن وها هي أسرة المقتول فقدت ابنها بعد أن قامت بتربيته وصرفت عليه حتى أصبح طبيبا ينتظره مستقبل باهر انتهى بلحظة طيش لا ذنب لهم فيها.
قد لا يمت الضحية لأي قارئ بصلة، ولكن قد يأتي اليوم الذي سيكون فيه المجني عليه أحد أقاربنا لا قدر الله، فالمسؤولية اليوم هي مسؤولية الجميع سواء كان ذلك الأسرة أو المدرسة وفي مقدمة كل ذلك الدولة، فبأي ذنب قتل الضحية ومتى سنستفيق من هذا الكابوس؟

Email: boadeeb@yahoo.com
المصدر جريدة الراي

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.