داود البصري: حزب الدعوة يطلب وساطة الكويت … عجيب أمور غريب قضية!


ثمة حقيقة ميدانية شاخصة يعيشها العراق تقول بان البلد وتحت حكم الفئة الفاشلة يعيش وضعا متفجرا وحافلا باحتمالات وتطورات مختلفة ومرعبة لعل اقلها هلعا احتمال دخول ملف تقسيم العراق حيز التنفيذ الفعلي والمباشر في ضوء تصاعد صراعات القوى السياسية واشتباك رئيس الوزراء وزعيم احد تنظيمات حزب الدعوة المنقسم الفاشل في معارك شاملة مع اكثر من طرف, بدءا من الزعيم الكردي مسعود بارزاني مرورا بخلافه التاريخي مع اياد علاوي وقيادات العراقية وليس انتهاء بحلفائه الالداء الذين بينهم ماصنع الحداد وهم جماعتا الصدر والحكيم والذين يراقبون مشهد انحدار العراق تحت قيادة نوري المالكي وحزبه وهم لايمتلكون ادوات ولا طرق الاصلاح بل ان كل ما يطالبون به, تغيير شخص رئيس الوزراء وليس المنهج الحكومي والاداري الفاشل السائد, المالكي يتجه كما يقولون نحو بناء دكتاتورية استبدادية دعوية على نمط دعوي خاص ! وهذه حقيقة معروفة ومشخصة لكل من يعرف حزب الدعوة جيدا, فهذا الحزب الطائفي الديني الخارج اصلا وعقائديا من تحت جبة الاخوان المسلمين يتشارك كثيرا في طبيعة التخطيط المخاتل للهيمنة على السلطة وفرض رؤاه وقوانينه على المجتمع من خلال نعومة الطرح زائد استغلال حالة النفاق العراقية التاريخية لابعد مدى,كما ان هذا الحزب يعلم علم اليقين بان الصدفة التاريخية وحدها اضافة للفعل العسكري الاميركي الذي اسقط نظام صدام وغباء وعدم خبرة الجماعات الطائفية والدينية الاخرى هي التي اوصلته لسدة السلطة والتي ان فقدها فلن يستعيدها بعد الف عام ولربما حتى بعد ظهور المسيح المنتظر!, فهذا الحزب يشكل حالة هلامية وانقسامية قائمة وهو من الناحية اللوجستية القحة حزبا منتهي الصلاحية, فاقدا للمصداقية فقد وجوده منذ زمن العمل في ايران في ثمانينيات القرن الماضي وانقلاب الايرانيين عليه وابعاده عن قيادة العمل الاسلامي الايراني في العراق بعد فشل مشروع اقامة الدولة الاسلامية في العراق على النمط الايراني مما مزق حزب الدعوة وحوله لدعوات متعددة بعد حالات الانشقاق الداخلي التي حولته لجزر متناثرة وقيادات محلية مشتتة بعضها مقيم في ايران ويحمل جنسيتها مثل علي الاديب وزير التعليم العراقي العالي الحالي واخر نزح صوب ريف دمشق منشغلا بادارة حسينية الشهيد الصدر وتحرير صحيفة فقيرة لايقرأها احد وهي (الموقف)! وهو مافعله نوري (جواد) المالكي وهذا الفرع يتبع لرعاية المخابرات السورية, والفرع الثالث كان في لندن وبادارة ابراهيم الجعفري اللاجىء هناك والمتقاعد لاسباب صحية ( مرض نفسي )! والذي كان مشغولا بادارة وتنظيم عمليات الحج والزيارة ( حملدار )! بينما تلاشت جماهير الدعوة وهي تهرب نحو المنافي البعيدة كاستراليا وغابات كمبوديا وتايلند..! تلك كانت الصورة العامة لحزب الدعوة قبل ان تأتي قوافل المارينز والاحتلال الاميركي لتغير صورة المشهد العراقي تغييرا دراماتيكيا وليغير ذلك الحزب الراديكالي الاصولي موقفه الرافض لاحتلال العراق و يصبح الحزب القائد في حكومات مابعد الاحتلال في استغلال فظيع للحظات الصدفة التاريخية التي يهدف من ورائها ذلك الحزب لوراثة استبداد حزب البعث البائد ومحاولة بناء تحربته الفاشلة اصلا و التي اوصلت العراق الى ماهو عليه حاليا من ترد وتهاو وانحدار في جميع المجالات الخدمية والامنية بل ان مسألة وجوده الموحد باتت موضع شك خصوصا و ان لحزب الدعوة اجندته الاقليمية في الارتباط بالمصالح الايرانية ارتباطا مصيريا كثمن واجب الدفع لايران لكي ترضى عنه وتحميه في السلطة اضافة لموقف الحزب المخزي في قضية الثورة السورية الشعبية وحيث يقف موقفا مضادا لحرية الشعب السوري مما اوقعه في تناقض غريب بين قيادة العراق للعمل القومي بعد قمة بغداد الفاشلة اواخر مارس الماضي و بين التبعية شبه المطلقة لاوامر ونواهي الولي الايراني الفقيه و تحالفاته الاقليمية مما اوجد تناقضا سعوديا قطريا خليجيا مع السياسة العراقية يحاول الدعويون اليوم و بغرابة منقطعة النظير الطلب من دولة الكويت التوسط بين العراق وجاراتها الخليجيات!! رغم ان المسالة برمتها ليست بحاجة لوساطة كويتية و لا اي وساطة اخرى لان القضية مبدئية ولاعلاقة لها بدبلوماسية (حب الخشوم)! او اسلوب (شيلني و اشيلك), فالتطبيع مع الخليجيين يبدا اساسا من تغيير المواقف و عدم الانضمام للحلف الايراني/ السوري المشبوه (حلف نوروز)! بعدها تتبدد كل الغيوم و لكن المعضلة هي ان قيادة حزب الدعوة السلطوية لا تستطيع ابدا الخروج عن سياقات النصوص والسيناريوهات المعدة لها من الرفيق الجنرال قاسم سليماني المندوب السامي للولي الايراني الفقيه في العراق, لذلك فان السيد حسين الشامي وهو من قيادات حزب الدعوة حينما يشير ويطلب وساطة كويتية مفترضة فهو انما يمارس عملية ضحك على الذقون, فالنجار او الحداد لن يستطيع اصلاح ما افسده الدهر, وتحسين علاقات العراق مع دول الجوار الخليجية معروفة للجميع بواباته ومداخله… وللاسف فان الوقائع الميدانية تؤكد بان حكومة حزب الدعوة ليست بقادرة على الاصلاح لانها عبارة عن ازمة متنقلة, والمتأزمون لن يصنعوا التاريخ بل سيتحولون لاكبر ضحاياه… فعن اي وساطة يتحدث المتحذلقون بعد ذاك..?
* كاتب عراقي
dawoodalbasri@hotmail.com
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.