حسن كرم: ماذا ننتظر من العراق غير المراوغة

بداية اود ان أبين للاخوة العراقيين في كل مكان في داخل العراق ام في المهاجر ان الكويتيين، غالبية الكويتيين، يحملون لكم في قلوبهم كل الود والمحبة ويتمنون لكم كما يتمنون لبلدهم كل الخير والرخاء والامن والاستقرار وعليه فعندما نكتب ونقسو على العراق فما ذلك الا لحملنا الود والتمني الذي نرجو ان يسود علاقة البلدين. فلعلي اظن ثمانين سنة من العلاقة الملتبسة والتشكيك والهواجس والمطامع والعدوان. وخاتمتها الغزو الهجمي الغاشم كافية لكي نفهم أن الطمع لا يفيد وانه ليس للتاريخ وجهان، وان الجغرافيا هي صفحة الواقع التي لا يمكن تجاوزها، لذلك اعود لاقول للاخوة العراقيين جميعهم تحملونا ان قسونا في كتاباتنا فذلك من باب الصدق والاماني لا من باب الكره والحقد فالكويتيون قلوبهم بيضاء لاتحمل الحقد وانما تحمل الود لكل الناس خصوصا مع شعب جار يربطه الجوار التاريخي والجغرافي ووشائج القربى والمصاهرة والعادات الواحدة، وقد قيل «الصديق مَنْ صدقك لا مَنْ صدّقك».
هذه المقدمة في ظني كانت ضرورية مدخلاً لفتح صفحة قضايا ومسائل قد طال الوقوف عليها، ولكن من غير جدوى وكان يمكن شطبها بفترة زمنية قصيرة وطي صفحة الماضي بمبرارتها ومأساويتها لو ان المسوؤلين العراقيين التزموا بوعودهم وكانوا صادقي النوايا ولكن لن يلتزموا راهناً او مستقبلاً الا اذا نزلت عليهم معجزة من السماء..!!
اقول هذا لاننا على يقين انه كان يمكن للعراق شطب كل القضايا العالقة مع الكويت في بضعة اشهر لو ارادوا، ولكن للاسف اتضح للكويت وللعالم ان صدام حسين لم يمت، وان ووري جسداً لكن انتقلت روحه الى اجساد المسؤولين الحاليين، فالنظام المقبور سقط وقد مضى عقد على سقوطه. وفي خلال هذه السنوات العشر ظل المسؤولون العراقيون يتبادلون الزيارات والقبلات مع الكويتيين ويتحدثون عن الثقة والجيرة ونسيان الماضي، لكن على ارض الواقع لا شيء تحقق، فلا زالت اهم القضايا العالقة التي تشكل هاجسا للكويت غير محلولة وهي صيانة العلامات الحدودية وازالة المزارع العراقية الداخلة في الاراضي الكويتية وترسيم الحدود البحرية، لكن رغم وعودهم المتكررة للكويت وللامين العام للامم المتحدة ولمجلس الامن ظلت وعوداً في الهواء، واما على الارض فلا جديد فمازالت العلامات الحدودية معطلة حيث يراوغ العراقيون عن تنفيذ التزاماتهم الدولية..!!
العراق يطالب مجلس الامن اخراجه من الفصل السابع ورفع العقوبات المفروضة عليه، والعراق يطالب مجلس الامن وقف تعويضات الغزو على الكويت، والعراق يطالب الكويت شطب الديون المستحقة عليه، والعراق يطالب الكويت شطب قضية الخطوط الجوية الكويتية على الخطوط العراقية في المحاكم الدولية والعراق يطالب حرية الملاحة في الخليج العربي والسماح للصيادين العراقيين للتوغل في المياه الكويتية والعراق يطالب الكويت ازاحة ميناء مبارك من مكانه «لانه يزاحم الموانئ العراقية» والعراق يطالب الكويت بإقامة علاقة اقتصادية وإقامة مشاريع استثمارية مشتركة، والعراق يدعو الشركات الكويتية والحكومة الكويتية للاستثمار في العراق، والعراق يدعو الكويت الى نسيان الماضي وبناء علاقة جديدة.. الخ ولكن ماذا قدم العراق من جانبه للكويت وللعالم. حتى نصدق التزامه بوعوده..؟!!
اليست قضية الحدود العالقة هي المحك الاهم لاثبات نوايا العراق الصادقة مع الكويت والصادقة مع العالم..؟!!
انا لا ارى شيئاً في العراق قد تغير، تغيير في الاشخاص لكن لا تغيير في العقلية الحاكمة، فبالله عليكم ما الفرق بين نوري المالكي وصدام حسين وعبدالكريم قاسم ونوري السعيد ورشيد عالي الكيلاني وياسين الهاشمي والمخبول السكير غازي، سلسلة من الاشخاص تعاقبوا على حكم العراق لكن بقيت العقلية الحاكمة ثابتة لم تتغير..!!
لذلك اظن أنه لن يتغير العراق ما لم تتغير العقلية الحاكمة، وهذا ما لا نظن حدوثه قريباً على الاقل..!!

حسن علي كرم
المصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.