وليد الجاسم: «الدب العاصف».. والسر الكويتي العظيم

رحل بالأمس بطل من الابطال الذين ساهموا مساهمة بارزة لا ينكرها الا جاحد في تحرير الكويت من براثن الغزو العراقي الآثم واعادتها الى اهلها بأقل الخسائر الممكنة رغم انه كان بمواجهة واحد من اعتى جيوش المنطقة والعالم آنذاك.
انه الجنرال.. «الدب».. او «العاصف نورمان» شوارزكوف، صاحب القامة الضخمة والقرارات الحاسمة في ارض المعركة التي شهدت عمليات درع الصحراء واعتمدت على الطيران الجوي المكثف حتى خارت معه قوى الجيش العراقي، ثم اطبق عليه بعاصفة الصحراء التي نظفت الكويت من جيش الغدر والخيانة خلال اربعة ايام فقط بعدها، شوارزكوف الذي يقارب طوله المترين ويتجاوز وزنه 120 كيلو غراما والمولود سنة 1934 والذي حارب في فيتنام مرتين لم يكن يعشق الحروب، لكنه يقول: «اذا لم يكن هناك مهرب من خوض الحرب.. يجب ان تكون حربا قوية وتحقق النصر السريع».
وفي لمسة وفاء تجاه هذا القائد العسكري الفذ، كان الرئيس السابق جورج بوش الاب اول من أبّن الجنرال الراحل شوارزكوف رغم ان بوش البالغ من العمر 88 عاما يرقد منذ اواخر الشهر الماضي في المستشفى، ونقل مؤخرا الى غرفة العناية المركزة.
لمسة الوفاء ايضا نبعت جميلة صافية من صاحب السمو امير البلاد وسمو ولي العهد حيث عزيا بفقد الجنرال الراحل واستذكرا دوره الكبير في انتزاع الكويت من براثن صدام، ذلك البعثي الكافر الملحد الذي تدثر لاحقا بدثار الدين آملا ان يحصل على تعاطف من الناس معه بعدما انكشف للعالم أجمع اجرامه ونذالته.
وفاة شوارزكوف مع الاسف مثلما فتحت ابواب الوفاء مع من ساهموا في العمل لأجل تحرير بلادنا، نراها فتحت نوافذ النكران والجحود من البعض الذين نراهم يستنكرون ترحم كويتيين على هذا القائد الميداني الفذ لعمليات التحرير، تارة تحت حجة انه غير مسلم، وتارة اخرى تحت حجة «المؤامرة» وان الكويت كانت ضحية للامريكان قبل ان يساهموا في تحريرها.
وهذا الامر انما يكشف عن حاجة الكويت الى «ذاكرة جماعية»، وتذكير بتلك الايام السوداء التي عرفنا جميعا اننا لا نساوي حتى ثمن الملابس التي نلبسها بدون الكويت، مثلما عرفنا ايضا ان قوة الكويت من الداخل هي قوة لها امام العالم.
عندما هب العالم كله سنة 1990 (الا بعض المواقف الشاذة) لنجدة الكويت ونصرتها وتأييد حقها في الحرية والاستقلال انما كان ذلك فزعة منه لشعب نادر احب ارضه والتف حول شرعيته، وتجاوز كل الصراعات والخلافات والفئويات وتسامى فوقها ليجتمع الشعب كله تحت راية الكويت، فلم يجد صدام اللعين خائنا يعينه، واضطر لتزييف كل شيء.. حتى مذيعي تلفزيونه آملا اقناع العالم بترك الكويت فريسة له، ولكن هيهات.. تلك الحالة الكويتية كانت سرا من اهم اسرار احترام العالم لنا، بل ان تلك الحالة الكويتية هي سر الكويت العظيم الذي حفظها القرون الفائتة، وهو السر الذي سيحفظها في قادمات الايام مادام مستوطنا بين ضلوع ابنائها، ومهما زادت الخلافات اليوم فانني على يقين انه.. «اذا حجت حجايجها».. فلن يدير كويتي واحد ظهره للكويت.. ولن يخذلها.

وليد جاسم الجاسم
waleed@alwatan.com.kw
المصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.