مظفر عبدالله: العنف في الكويت

أول مراتب الخطأ في مناقشة أسباب العنف في الكويت -بعد أن نكأ جراحها مقتل الطبيب جابر سمير في مجمع الأفنيوز- هو الهجوم على جهاز الأمن الداخلي وحده. سيكون ذلك خطأ جسيما لأنه سيوفر غطاء آمنا لأجهزة أخرى مقصرة تقصيرا كبيرا، ويبعد عنها سهام النقد. العنف المستشري في البلد نقوم به بشكل جمعي، رسمي (الميموني)، وعام (جابر سمير).
هذا أمر، وثانيا أحب أن أستثمر معلومة مهمة، فزوار “الأفنيوز”، كما نشر، يتراوحون بين 80 و120 ألف نسمة يوميا بحسب أيام الأسبوع، معظمهم من فئة الشباب الذين يخرج منهم كثير من مظاهر العنف، لذا يجب استثمار هذا المجمع الضخم -وغيره- واعتباره “مصيدة” لهم، من خلال تكثيف رسائل نبذ العنف وتعزيز التسامح، باستضافة مؤسسات مختلفة تقوم بأنشطة اجتماعية مبتكرة تجمع الشباب من الجنسين، لنبذ هذه الآفة (عدد الجرائم خلال 9 أشهر فائتة 15 ألفا، بزيادة 10 في المئة عن معدل العام الماضي).
يجب أن نعترف أننا في الكويت ومنذ سنوات بدأنا نتغير كبشر، قيم الحياء العام تردت، شيوع الأمراض النفسية وتردد أعداد ضخمة على مستشفيات وعيادات الطب النفسي، ندرة من يبتسمون ويرحبون بالكلام الجميل الطيب، وغيرها من العوارض التي تتطلب البحث في الأسباب.
هناك مشكلة حقيقية في مناهج التعليم التي لا تعير أي اهتمام بالمختلف من البشر والأفكار. هناك ازدراء للقانون اعتاده من يفد إلى الكويت عوضاً عن أهل البلد. العملية السياسية أيضاً بدأت تنحو إلى زوايا لا علاقة لها بطاولة الحوار، حتى الدولة لم يعد لديها مقومات لإدارته. نحن فقراء جداً في التسامح والتحاور، لأن الجهود غير المعهودة وغير التقليدية لدعمه شبه معدومة.
شخصياً، دائما ما يلوح في ذهني نموذج جمعية “لوياك” بمجموعته الإدارية الطيبة والخلاقة، التي استطاعت خلق عيون إضافية لمنتسبيها يرون من خلالها أناسا آخرين في بلدان بعيدة، ما يخلق لديهم شعورا بالغير والمختلف، “لوياك”، وبدون زيادة، هو المشروع الأوحد الذي بدأ واستمر ونجح في استيعاب الشباب في جو صحي إنساني مختلط، لكنه يبقى مشروعا محدودا في طاقته، إلا أن العمل الجدي الذي سيوقف القتل من أجل موقف سيارة يتطلب من الدولة والقطاع الخاص توسيع نموذج “لوياك” في المدارس والنوادي.
العنف موضوع يجب إبعاد أسبابه عن الجهاز الأمني ورجال السياسة، ويعطى للاجتماعيين والنفسيين والتربويين، هناك أرقام مخيفة للعنف يجب أن تكون تحت تمحيصهم لا تمحيص السياسيين!
في ظني ان عشرات الجمعيات الدينية والأهلية المدنية، فشلت فشلاً ذريعاً في صد مظاهر العنف في الكويت، وبات عليها مراجعة خططها في العمل، عقود من الزمن صرفت لتعليم الناس الحلال والحرام، ونسينا الخلق والتعامل، فبتنا نلمز بأعياد ومناسبات من يختلفون عنّا في الملة، ومن قبل ذات الجمعيات التي آمناها على سلامة المجتمع.
نحن في خطر اجتماعي سببه التقاليد التي أسسها العمل السياسي، ومنها: التشريعات العنيفة (إعدام المسيء)، واستلاب الثروة (المشاريع الكبرى)، والإعلام المتشفي بمشاكلنا.
المصدر جريدة الجريدة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.