ناصر العبدلي: اتحاد المصارف وحمد

مذكرة اتحاد المصارف ليست كما أسموها مذكرة إنعاش الاقتصاد الوطني، لأنه ليس هناك ما يسمى باقتصاد وطني، بل هي نسخة أخرى من مقترح إسقاط القروض لكنه هذه المرة ليس إسقاطا عن أفراد بل عن شركات ورقية سلبت المواطنين البسطاء أموالهم، والآن يريدون أن يعوضوا ذلك من المال العام بحجة «إنعاش» الاقتصاد الوطني.
هناك عشرات الشركات التي تبخرت أموالها وللأسف لا أحد يعرف أين ذهبت تلك الأموال، ومن بين تلك الشركات إحدى شركات الطيران التي يقال إن الشيخ حمد صباح الأحمد، ولا أعرف مدى دقة تلك المعلومات، يقف خلف إغلاقها، وأتمنى أن تجرد الحكومة تلك الشركات التي يدور حولها لغط وتصدر بيانا حولها أو تحيل مجالس إداراتها إلى النيابة العامة حتى نعرف أين ذهبت أموال البسطاء.
لا يمكن أن نلبي للأخوة في اتحاد المصارف طلبهم وننقذ مثل تلك الشركات الوهمية من خلال المال العام بحجة أن ما يسمى الاقتصاد الوطني بحاجة إلى إنعاش، وكأننا بلد رأسمالي يمتلك قاعدة إنتاجية حقيقية كإحدى الدول الأوروبية مثلا أو الولايات المتحدة الأميركية، في حين أن اقتصادنا عبارة عن مجموعة آبار نفط نبيع منتجاتها للدول المتقدمة صناعيا ونوزع إيراداتها على المواطنين والتجار، كل حسب حصته.
في الدول ذوات الاقتصادات الحقيقية الدولة ليست سوى حارس على النشاط الاقتصادي، وربما يكون هناك تدخل فيما لو كان هناك انحراف عن القوانين، لكنها لا تملك أيا من وسائل الإنتاج لأنها مملوكة للقطاع الخاص، سواء أكان على شكل أفراد أو على شكل شركات، وذلك القطاع عبارة عن مصدر للأموال العامة من خلال ما يسمى بالضريبة وكذلك هو منبع الفرص للتوظيف، وبهذا يكتمل عقد الاقتصاد لديهم، أما ما يجري لدينا فعكس كل القوانين الاقتصادية.
نحن لدينا ميزانية سنوية تسمى بالميزانية العامة للدولة، إيرادها الوحيد هو النفط وكذلك استثمار الأموال الناتجة عن النفط، وقد قسمناها إلى خمسة أبواب وقمنا بحشر جميع المواطنين في الباب الأول وأطلقنا عليه باب «الرواتب»، وأجلسنا عددا محدودا من العوائل ومن بينهم الأسرة الحاكمة بكل احترام في الباب الرابع، وجزء من الخامس تحت مسمى «المشاريع» و«المستلزمات السلعية»، وكل تلك المسميات لا تحمل مضمونا حقيقيا.
المواطنون بلا استثناء، وحتى البسطاء منهم، يحصلون على رواتب وهبات حتى وإن لم يلتزموا بما عليهم من واجبات سواء على صعيد المواطنة أو على صعيد الوظيفة، والعوائل المحظوظة تحصل على كل تلك المناقصات الواردة في الباب الرابع حتى وإن لم ينفذوا تلك المشاريع كما يجب، والنفط يستنزف ويباع بكميات رهيبة وأمواله بعضها يدخل الميزانية وبعضها يختفي، ومع ذلك لم يرض اتحاد المصارف ويريد تعويضا على أموال أصلا ذهبت إلى غير محلها.
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.