نظامنا السياسي يتكوّن من ثلاث سلطات كحال أغلب أنظمة العالم. عندنا يترأس الأمير، رئيس الدولة، السلطات الثلاث. بينما تبقى بقية السلطات مستقلة مع تعاونها وفقاً للمادة خمسين من الدستور. السلطة التشريعية، أي مجلس الأمة، مهمته التشريع ومراقبة أداء السلطة التنفيذية، بينما السلطة التنفيذية، أي مجلس الوزراء، فيهيمن على مصالح الدولة ويتولى تنفيذ ما يشرعه ويقرره مجلس الأمة. مجلس القضاء الأعلى، أو السلطة القضائية، يتولى الفصل القضائي في منازعات السلطتين أو في المنازعات العامة.
على هذا يصبح الأمير رئيس السلطات الثلاث الرجل الأول في الدولة، يليه في المرتبة رئيس مجلس الأمة الرجل الثاني، ثم ثالثاً رئيس مجلس الوزراء، الذي يليه رئيس مجلس القضاء الأعلى، ثم النائب العام. لكن الجمع بين رئاسة مجلس الوزراء وولاية العهد في بداية تشكيل الدولة أدى إلى «ارتقاء» ولي العهد رئيس مجلس الوزراء بحكم الجمع بين المنصبين، ليصبح بهذا الرجل الثاني في الدولة، بينما تراجع رئيس مجلس الأمة ليصبح تقليدياً الرجل الثالث في دولة الكويت. وقد أصبح هذا تراثاً وتقليداً سياسياً منذ قيام الدولة، أو بالأحرى منذ مجلس الأمة الأول وحتى يوم الخميس الماضي.
يوم الخميس الماضي عممت وكالة الأنباء الرسمية خبر ترؤس حضرة صاحب السمو أمير البلاد اجتماع مجلس الوزراء، الذي حضره، وفقاً لترتيب وكالة «كونا»، سمو ولي العهد، ورئيس مجلس الوزراء، ثم بعده رئيس مجلس الأمة السيد علي الراشد. ترتيب رئيس مجلس الأمة جاء رابعاً، وفقاً للخبر الذي بثته «كونا» ونشرته كما هو جميع جرائدنا، عدا جريدة القبس التي صححت الخبر ونشرت اسم رئيس مجلس الأمة قبل رئيس مجلس الوزراء.
لا نعلم من صاغ الخبر، هل هو مجلس الوزراء، الديوان الأميري، أم أحد محرري الوكالة؟ لكن الخبر يتضمن تحولاً رئيسياً في النظرة إلى السلطات هنا وفقاً لترتيبها. حيث جاء الإصرار على تقديم السلطة التنفيذية ورئيسها على سلطة مجلس الأمة ورئيسه. الآن… قد يكون هذا خطأ تحريرياً غير مقصود.. وقد يكون بداية لخطوات مقبلة تتولى الانتقاص من مجلس الأمة وتقييد سلطاته. وطالما أن «كونا» لم تصحح خبرها، وأحداً في مجلس الوزراء أو الديوان الأميري لم يعتذر، فإننا لا يمكن إلا أن ننظر إلى هذا الحدث على أنه بداية تعديل قسري في النظام وفي دستور البلاد.
عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق